الأطفال الصغار 12-15 أشهر

خطوات ستساعدك على التعامل مع طفلك الحساس

خطوات ستساعدك على التعامل مع طفلك الحساس
النشر : مارس 18 , 2020
آخر تحديث : يناير 03 , 2022
أتمت حنان الماجستير من الجامعة الأردنية عام ٢٠٠٥، حيث كان موضوع رسالتها التي أعدتها لنيل الماجستير يتناول التعلق لدى المراهقين وعلاقته بتقدير... المزيد

كثيرة كانت الأسئلة من قارئات الموقع على مقالي السابق "خمس حقائق حول الأطفال ذوي الحساسية العالية"، وكانت تتمحور حول كيفية التعامل مع الأطفال ذوي الحساسية العالية. فلم أجد بداً من ضرورة الحديث عن بعض أساسيات التعامل مع الطفل ذي الحساسية العالية.

أود أن أنوه في البداية إلى أن الأمور ستكون أسهل إلى أولياء الأمور ذوي الحساسية العالية في فهم طفلهم الحساس مقارنة ممن ليسوا من ذوي الحساسية العالية (هذا لا يعني مطلقاً أنهم فاقدو الإحساس بالطبع! بل يعني أنهم أقل حساسية لما حولهم وللمشاعر مقارنةً بذوي الحساسية العالية)، فإن لم يكونوا كذلك، فسيجد الأهل صعوبة في تصديق أن ابنهم أو ابنتهم يشعرون بما حولهم بطريقة مختلفة، مما يجعلهم يفقدون صبرهم مع أبنائهم. كما أنهم ربما يجدون أبناءهم "مملِّين"، خصوصاً الأكبر سناً إذ يميلون للهدوء والأنشطة البسيطة. وللأسف، فإن بعض الأهل قد يسخرون من حساسية أطفالهم، وهذا يزيد من ألمهم وميلهم للعزلة حتى؛ فإن كان أهلهم لا يفهمونهم فمن سيفهمهم؟

لذا، فالخطوة الأولى في طريق الألف ميل للتعامل مع طفلك الحساس هي تقبله وتقبل مشاعره
حتى لو لم تفهم ما يمر به أو تجد أنه غير منطقي. قد يفيد هنا أن تسأل طفلك عما يشعر به أو كيف يرى الموقف، وحتى لو "لم يعجبك" ما تسمعه فمن الضروري أن تتقبله وأن تصدق ابنك وتوفر له مساحة آمنة للحديث والحوار. بهذه الطريقة تضرب عصفورين بحجر واحد؛ إذ تصبح أكثر وعياً بما يمر به طفلك، وتعلّمه أنه يستطيع أن يثق بك وبأنك تفهمه. من الضروري أن تكون ملامح وجهك ولغة الجسد لديك دالةً على تفهمك أيضاً وليست مجرد مسايرة، وتذكر أن طفلك الحساس يستطيع أن يشعر بالفرق حتى لو لم يعلق على ذلك!

  1. بما أن الأطفال ذوي الحساسية العالية يمرون بمشاعر كثيرة عميقة بشكل أكبر، فسوف يساعدهم إدراكك لمشاعرهم وفهمها.
    مع الأطفال الصغار جداً، يمكنك احتضانهم عند الشعور بالحزن أو الغضب أو الألم، وسرد الموقف معهم والحديث عما يمكن أن يكونوا يشعرون به الآن. من الطرق التي أستخدمها مع ابنتي هي وضع ورقة تحمل أشكالاً وكلمات تدل على مختلف المشاعر، وسرعان ما تعلمتها وأصبحت تشير إلى الشعور الذي تحس به، ثم حين كبرت أكثر أصبحت تقول لي وحدها: "أنا غاضبة!" أو "أنا متحمسة!" إن تشجيع الأطفال على التعبير عن مشاعرهم الكبيرة التي تغمرهم مهم جداً من أجل فهمها وتنظيمها والتعامل معها، وتكون هذه الحاجة أكبر لدى الأطفال ذوي الحساسية العالية. بالنسبة إلى الأبناء الأكبر سناً، فمن الضروري، بعد بناء علاقة ثقة معهم، تشجيعهم على الحديث عما يزعجهم، والسماح لهم بأخذ وقت للتفكير بمشاعرهم إن كانوا مثقلين بها ولا يستطيعون الحديث مباشرة، فبعض الوقت الفردي مهم جداً أيضاً للتعامل مع المشاعر.
     
  2. من الضروري أيضاً مراعاة الحواس الخمس والتقليل من المثيرات المختلفة التي تؤثر في الطفل الحساس.
    فكما بينا في المقال السابق، فإن الحساسية العالية ليست نفسية فقط، بل هي جسمية أيضاً.
  • ففيما يتعلق بالسمع مثلاً، من الضروري العمل على خفض الأصوات المختلفة مثلاً، سواءً في أثناء الحديث أو مشاهدة التلفاز، وفي حال الذهاب إلى مكان صاخب، كحفلة مثلاً، من الضروري إخبار الطفل مسبقاً بذلك وبأنه ستكون هنالك أصوات عالية، وإخباره أنه يمكنه العودة إليكم للراحة أو لإنهاء الزيارة إذا لزم الأمر إن كان الأمر شديداً بالنسبة إليه.
  • أما من حيث الروائح وحاسة الشم، فمن الضروري تهوية المنزل باستمرار، والمحافظة على نظافة ملابس الطفل، والطلب من الآخرين عدم التدخين في وجود الطفل الحساس (أو في وجود أي طفل حقيقةً!).
  • أما للراحة البصرية، فمن المهم استخدام نظارات شمس للطفل الحساس، وأخذه لمشاهدة الأماكن الطبيعية الجميلة من فترة إلى أخرى ما أمكن، أو وضع لوحة كبيرة بمنظر طبيعي هادئ في المنزل.
  • التذوق وتناول الأطعمة: من المهم مراعاة ما يتقبله الطفل ولا يتقبله من الأطعمة المختلفة إذ قد يتأثر بملمس أطعمة معينة أو لا تعجبه حقاً، تخيل أن يحاول أحدهم إجبارك على تناول طعام لا تحبه! بالتأكيد لن تكون مسروراً، وكذلك هو حال طفلك. من المهم أيضاً ألا تكون الأطعمة باردة جداً ولا ساخنة جداً، ومراعاة تفضيلات الطفل في ذلك.
  • وأخيراً بالنسبة إلى اللمس، فمن المهم ملاحظة ما يضايق الأطفال من قطع الأثاث أو الملابس التي تثير الحكة وتغييرها، أو حتى إزالة بطاقات تعليمات الغسيل المثبتة في الملابس إن كانت تثير استياءهم، ومراعاة احتضانهم من فترة لأخرى دون المبالغة في ذلك.

ومن الضروري ملاحظة أن بعض "المداعبات" التي يقوم بها الكبار من قرص لخدود الأطفال أو ضرب خفيف يمكن أن تؤثر بشدة بطريقة سلبية في الأطفال ذوي الحساسية العالية.

  1. تحدث عن حساسية طفلك معه ومع الآخرين، وعن إيجابياتها وما يجب مراعاته من أجلها.
    إن الصمت واعتبار الأمر عيباً -خصوصاً بالنسبة للأولاد الحساسين مقارنةً بالبنات- سيزيد الطين بلة، وسيجعل الطفل يشعر بأن "شخصه" غير مرغوب فيه. لذا، من المهم التحدث عن الحساسية وكيف تجعل الطفل مختلفاً ومميزاً. هذا لا يعني المدح الزائد للحساسية ولا الشعور بالشفقة على الطفل بسببها، بل إنها ميزة مهمة وصفة خاصة، ومن المهم فهمها وإدراكها، وكلما كان ذلك أبكر كان أفضل لك ولطفلك. من الضروري أيضاً توضيح الحساسية العالية لمعلمي الطفل في المدرسة، والطلب منهم مراعاة الحساسية، وبأن أداء الطفل الحساس يتأثر سلباً بالمراقبة أو النقد الشديد، إلا أنه يتحسن بالتشجيع والأسلوب اللطيف الحسن.
     
  2. من الضروري التمهيد للطفل الحساس قبل مختلف المواقف الجديدة.
    قد تبدو أمور مثل السفر أو الذهاب في رحلة أو إقامة حفلة مفاجئة أموراً ممتعة سيسعد بها أي طفل، إلا أنها قد تحمل استثارةً زائدة للطفل الحساس، وقد ينزعج ويتضايق منها ويعبر عن ذلك بطريقة مزعجة. أو حتى لو كان الأمر مزعجاً بصورة عادية كزيارة طبيب الأسنان، فقد يكون الأمر مضاعفاً للطفل الحساس. لذا، من الضروري أن تحدث الطفل عن الأحداث الجديدة القادمة وما الذي سيحدث، وأن تخبره بأسبابها وتسمح له بالتعبير عن رأيه ومشاعره، وحتى لو قال: "لا أريد"، فيمكنك أن تخبره بهدوء -مسبقاً- بأنه لا بد من ذلك لعدة أسباب، ووضحها له، وأنه ما يزال أمامكم وقت. بالنسبة للأطفال الأصغر سناً، يمكن لقراءة قصة، أو تأليف قصة بسيطة عن الموقف وما سيحدث، أن تساعده في فهم الأمر وتقبله. من الضروري أن تقوم بذلك قبل مدة مناسبة من وقوع الحدث المُنتظَر، وأن تسأل طفلك عما يحتاج إليه ليكون مرتاحاً في ذلك الموقف.
  1. وأخيراً، استمع لطفلك واسمح له بالتعبير عن نفسه؛ فلديه الكثير من الخبرات والأفكار التي سيفاجئك بها.
    فالطفل الحساس يشعر بالآخرين، وستفاجأ حين تجده أول من يشعر بحزنك أو ألمك، ويحتضنك ويطبطب على ظهرك. ستجد أنه سينتبه إلى ما حوله بطريقة مختلفة، وسيناديك لتشاهد وتسمع زقزقة عصفور لم تكن لتنتبه إليه وحدك. سينتبه إلى إخوته وأخواته ولما يحتاجون إليه ويبلغك بذلك قبل أن تدرك ما يحسون به، وسيطرح أسئلة تجعلك تفكر بعمق في نفسك وفي الحياة. الطفل الحساس شديد الحذر أيضاً، هذا يعني أنه لن يغامر مغامرات غير محسوبة عادةً، وستكون أخلاقياته القوية دافعاً لتصرفاته، الأمر الذي سيجعلك مطمئناً عليه وعلى ما سيتخذه من قرارات وسلوكيات. ستجده يكبر وقد وجد ما يثير شغفه ويتمسك به، فشجعه عليه وعلى السير بخطى واثقة نحو هدفه، وتأكد أن هدفه -كشخص حساس- أسمى معنى من أهداف كثيرين غيره. استمتع بهذه النعمة واحمد الله عليها: نعمة الطفل ذي الحساسية العالية.


اقرئي أيضاً:

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية