العلاقات

بين فهم الآخر والانسياق وراء أحكامنا المسبقة!

بين فهم الآخر والانسياق وراء أحكامنا المسبقة!
النشر : أغسطس 05 , 2018
آخر تحديث : أبريل 27 , 2021
رلى الكيلاني أخصائية تواصل وذكاء عاطفي محترفة ولديها حماسٌ دائم بنشر الوعي. تحمل الجنسيتين البريطانية والأردنية. ساعدتها دراستها للهندسة المدنية في تقييم... المزيد

تناولنا في المقال السابق ماهية الاستماع التعاطفي وكيف أن الدماغ يبني أحكاماً مسبقةً دون وعيٍّ منا في كثير من المسائل الحياتية اليومية، الأمر الذي يؤثر على قراراتنا ونظرتنا لما حولنا، كما تعرفنا على ثلاث خطواتٍ بسيطة تساعدنا على اكتساب هذه المهارة.

في هذا المقال سنقوم بالتطرق إلى ثلاث خطواتٍ أخرى تُمكننا من التواصل بشكلٍ أنجح وأعمق مع الأفراد المحيطين بنا وخاصةً عائلاتنا وشركائنا:

 

ابتعد عن الجمل التي تبدأ بـ "أنا"!

عندما يحدثك صديق عن مشكلة تشغل باله ويشكي التوتر الذي تسببه له، فتجيبه:" نعم هذا ما يحدث عادة، لذلك أنا أحاول أن أتجنب مثل هذه المواقف حتى لا أقع فيها!". الخطأ الأول الذي تقع فيه  أنت نفسك هو أنك حولت تركيز الحديث من المتحدث إلى نفسك، وكأنك بذلك تقول لمحدثك بأنك أذكى منه. إن مثل هذه الإجابات الآلية التي تصدر عنا هي أمر غير محبب خصوصا أن الصديق على الأغلب لم يطلب منك الحلول، إنما أراد أن ينفس عما يشغل باله.

لا تستمع بنية نقد الشخص أو الموقف،

لا تستمع لتعترض،

 لا تستمع لتقنع الناس برأيك،

ولا تستمع لتصيد الأخطاء.

 

صب جل اهتمامك في الشخص المتحدث وليس في نفسك!

حتى تتقن مهارة الاستماع التعاطفي بحق، عليك أن تطور من قدرتك على الاهتمام بالآخرين، وبذلك تصبح أقدر على فهم الناس من حولك وتطوير مهاراتك الاجتماعية والتواصلية البناءة، كما أنك سترفع من ثقة محدثك بك. فطفلك، زوجتك، مديرك، موظفك أو طالبك، يحتاجون منك أن تهتم بهم كل لشخصه، وليس أكثر من استماعك لحديثه باهتمام من أمر يشعره بهذه الأهمية. تذكر أن قليل من الناس يتقنون هذه المهارة لذلك ستتميز عن غيرك إن أنت أتقنت فن الاستماع بتعاطف حقيقي.

استمع بنية واحدة: وهي فهم الموضوع من وجهة نظر محدثك!

ركز في معنى كلمات المتحدث وتقبل مشاعره، ولا تركز على نفسك، بذلك تصبح أقدر على فهم كيف يرى ويتعامل هو مع العالم.

 

قاوم محاولات الدماغ لجذب انتباهك بألعابه الذهنية !

سيحاول الدماغ وبشكل تلقائي شد انتباهك لحاجة داخلية أو أولوية ملحة واستخراج ملفات الأحكام من ذاكرتك! عندما يتحدث أحد معك تدرب على مقاومة الصوت الداخلي الذي يذكرك بخصوصياتك وأولوياتك وحاجتك العاطفية. فعندما يشكي طفلك مثلا من تنمر أحد زملائه في الصف، قاوم الرسائل الدفاعية التي تشعل غضبك، واستمع لما يحاول طفلك أن يقول، قبل أن تحكم أنه الضحية وتعزز فيه ذلك الشعور. حتى تتقن فن الاستماع عليك أن تضبط انسياقك وراء أحكامك الداخلية حتى تستمع للحديث بتركيز أعلى، الأمر الذي سينعكس عليك وعلى محدثك بالفائدة.

إن اعتمادنا اليوم على قنوات التواصل التكنولوجية بات يؤثر بشكل كبير على فهمنا لما يحدث حولنا من نجاحات وإخفاقات وتخدير إحساسنا بالآخر، وبالتالي تشويه مفاهيم نبنيها من مصدر مشوش متوتر غير موثوق. نحن لن نكتسب الحكمة وراحة البال إن لم نصل مرحلة من الإهمال للتشويش الفكري الذي يؤثر على صحتنا وذكائنا، ذلك أننا تعودنا إسقاط كل ما نتعرض له على النفس، فبتنا نعمل بلا دافعية، ونكسب المال دون الشعور ببركته، ونأكل وننام دون أن نشعر بالشبع أو الراحة.

كثرة التشويش تزيد من ضعفنا وضعف ثقتنا بقدرتنا على التواصل العاطفي والفطري الحقيقي. فنحن بشر خلقنا كائنات اجتماعية تعيش وتتطور ويسجل لها التاريخ النجاحات الحضارية من خلال الإنجازات الإنسانية قبل التكنولوجية. لذلك علينا أن نهتم بسبل التواصل الحقيقي مع أزواجنا، أولادنا، أمهاتنا وآبائنا وأصحابنا وكذلك زبائننا، فالعنصر الإنساني في التواصل لن يحل محله أي أداة تكنولوجية مهما تطورت، وإلا يكون ذلك على حساب النفس

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية