الأطفال ما قبل المدرسة 4-5 سنة

لماذا يسلك الأطفال سلوكيات صعبة ويتصرفون بطرق غير مناسبة؟

لماذا يسلك الأطفال سلوكيات صعبة ويتصرفون بطرق غير مناسبة؟
النشر : فبراير 21 , 2021
آخر تحديث : ديسمبر 28 , 2021
أم لأربعة بالغين ناجحين (ولدان وبنتان)، خلال تربيتها لأبنائها مرت بالعديد من التحديات والمراحل الصعبة، من الطفولة إلى المراهقة  حتى تمكنت من... المزيد

يأتي الأطفال إلى هذا العالم وهم مفعمون بالنشاط والحيوية، فهم فوضويون، عشوائيون ومندفعون بطبيعتهم، يملؤون المكان بأصواتهم وحركاتهم، ضحكاتهم وصراخهم، يمدون أيديهم ليستكشفوا العالم حولهم ويتعلمون حدوده وحدودهم، هذه هي طبيعتهم وهكذا خلقوا، وليس من المتوقع منهم أن يعرفوا كيف يتصرفون بشكل مناسب وصحيح.

حقائق حول سلوكيات الأطفال

هناك حقائق أساسية بخصوص سلوك الأطفال علينا أن ندركها:

  • السلوك له معنى وسبب، ماذا يحاول الطفل إخبارنا من خلال هذا السلوك.
  • السلوك هو وسيلة ومحاولة للتواصل، ومن الضروري أن نفهم معنى وسبب السلوك حتى نتجاوب معه على نحو فعال.
  • التواصل مع أطفالنا وبناء علاقات جيدة بين الأهل والأطفال هو المفتاح الأساسي لتوجيه سلوكهم.

كيف ننظر إلى السوك الصعب ونفهمه أكثر؟

  • الأطفال يتصرفون بشكل صحيح عندما يتمكنون من ذلك، ولكن إذا لم يتمكنوا علينا أن نعرف لماذا حتى نستطيع مساعدتهم. وهنا يكمن دورنا في أن ندرب أطفالنا ونعلمهم على ضبط وتنظيم سلوكهم ومشاعرهم
  • كل سلوك صعب يجب أن ينظر إليه على أنه محاولة من الطقل لإخبارنا بشيء أو حل مشكلة ما يواجهها فهي اذاً محاولة للتواصل معنا .
  • سلوك الطفل الصعب هو علامة على أنه مستاء أو أن هناك حاجة لديه غير ملباة أو أن هناك شيء خطأ، وقد لا يتمكن الطفل من التعبير عن مشاعره أو ضيقه بالكلمات أو ماذا يعمل في المواقف الصعبة، لذلك قد يقدم على هذه السلوكيات الصعبة للفت الانتباه أو للتعبير عن حاجة لديه أو لوقف نشاط معين أو تجنب شيء غير سار.

فما الذي يحتاجه أطفالنا حقاً؟

إن أكثر شيء يحتاجه أطفالنا هو أن يتعلموا كيف يضبطوا أنفسهم، ومشاعرهم، وسلوكهم وحركاتهم.

ولكن كيف لنا أن نعلمهم والبعض منا لا يمكنه أن يضبط مشاعره أو سلوكه لأنه لم يجد من يعلمه ذلك في طفولته؟ وكأننا نرى أنفسنا وطفولتنا من خلالهم!

عندما يدخل الطفل في نوبة من البكاء ماذا يفعل غالبية الأهل، سيقولون بعصبية: كف عن ذلك!! اذهب إلى غرفتك!! سئمت من سماع صوت بكائك!!

بينما ما يحتاجه الطفل في هذه اللحظات العصيبة هو فقط سماع صوت هادىء لطيف وحنون من والديه في منتصف العاصفة التي يمر بها والنزول إلى مستواه، حضنه ومعانقته وإخباره أن الأمور ستكون بخير، وتدريبه على أخذ نفس عميق حتى يهدأ.

الأمر الآخر المهم هو أن أطفالنا لديهم القدرة على الإحساس والشعور بمستوى ونوعية حضورنا وتواجدنا معهم، لأنه من الممكن أن تتواجد مع طفلك في نفس المكان أو الغرفة ولكنك لست حاضراً معه، مثلاً تستعمل الهاتف أو الكمبيوتر، تقرأ ، تتابع التلفاز....

طفلك حتماً سيشعر بذلك، وإذا كان يرغب بالتواصل معك ولم يجد تجاوباً منك فإنه سيتصرف بكل الطرق الممكنة وقد يسلك سلوكاً غير لائق أو مقبول لأن كل ما يريده هو أن يشعر بحضورك و يحظى باهتمامك وانتباهك.

ففي كل مرة يتمكن فيها من إغضابك أو لفت انتباهك، حتى لو كان ذلك ليس بالصورة التي يريدها، لكنه يحصل على اهتمامك ويستمد الطاقة من تواصلك معه، ومع أن هذا الانتباه والتواصل قد يكون على شكل صوت عالٍ منك أو حالة من الغضب –والتي قد تؤلمه كثيراً- ولكن هناك شيء بداخله يقول أخيرا حصلت على التواصل والإنتباه.

علينا أن نفهم أنه عندما يكون الطفل منزعج أو متضايق، كل ما يريده أن نظهر له تعاطفنا وأن نعلمه كيف يمكنه أن يضبط نفسه ومشاعره وسلوكه.

وهذا يتطلب منا أن نمتلك القوة والقدرة على ذلك و أن نتحلى بالصبر،  وأن ندرك أن هذه هي مهمتهم في الحياة، أن يجعلوا منا أشخاصاً أكثر قدرة على التحمل والصبر،  وأن نتعلم منهم كيف نصبح أقوياء. أطفالنا هم أعظم معلمٍ لنا في حياتنا.

ويمكنني أن ألخص هنا احتياجات الطفل الأساسية منا كأهل ليتعلم الهدوء وضبط تصرفاته

  • أن يشعر الطفل بتقبلنا له كما هو، أي حب غير مشروط ودعم متواصل حتى لو كان سلوكهم غير مقبول. وهذا لا يعني تقبلنا لسلوكهم وعدم محاولتنا توجيههم، ولكن يعني أن لا نهددهم بحبنا لهم مثل أنا أحبك اذا فعلت ... أو أنا لا أحبك لأنك فعلت ... أي أن ما يزعجنا هو سلوكهم فقط.
  • إشعارهم بقيمتهم و حقهم بالحصول على الإنتباه. من خلال الإصغاء لهم والإنصات إلى كلامهم (التواصل).
  • إشعارهم بأهميتهم من خلال مساعدتهم ودعمهم خاصة عندما يحتاجون لذلك. تفهم وقبول مشاعرهم، وأنه من المقبول أن يشعروا بالحزن أو الغضب أو غيره ولكن طريقة التعبير عنه هي ما لا نقبله.

ما هو دورنا كأهل ومربين؟

يكمن دورنا كآباء وأمهات ومربين أن نساعد أطفالنا بطريقة آمنة على استكشاف الضوابط لتصرفاتهم ومعرفة حدودهم.

إلا أن هذا الأمر بحد ذاته صعب و مرهق في كثير من الأحيان وتكمن صعوبته في أن أطفالنا يتصرفون أحيانا بطرق مزعجة ومستفزة بدرجة كبيرة.

لذا، فالتواصل أولاً ثم التوجيه والتصحيح

إن احترامنا لأطفالنا وتقبلهم ومعاملتهم كأشخاص مميزيين وفريدين هو ما نحتاجه في البداية كي نتمكن من التواصل معهم بشكل صحي وسليم يضمن تعاونهم معنا وتقبلهم لدورنا وتوجيهنا ثم البدء بأخذ خطوات واضحة للتأكد من عدم تكرار هذه السلوكيات وهذا يعني:

  • علينا أن نقر بقوة هذه السلوكيات لأنها أحياناً تمكنهم من الحصول على مايريدون، حيث يقوم الطفل بتكرار السلوك الذي يمكنه من الحصول على مايريده، مثل البكاء للحصول على لعبة معينة أو الصراخ للسماح له بالقيام بعمل معين..
  • أن نضع كبرياءنا وغرورنا كآباء أو أمهات جانبا، فنحن لسنا في معركة من يعرف أكثر، يجب أن نتحكم برغبتنا بالسيطرة عليهم و فرض ما نريد، و إعطائهم فرصة للتعلم من أخطائهم.
  • أن نتوقف عن إطلاق صفات على أطفالنا مثل أنت كسول، عصبي، عنيد، مزعج.. لأن ما نقوله لأطفالنا هو ما يرسخ في أذهانهم ويرسم لهم صورة عن أنفسهم قد تبقى ملازمة لهم طوال حياتهم.
  • علينا أن نعلم الطفل بعض المهارات الإجتماعية المناسبة للحصول على احتياجاته. متى يمكنه الطلب منا ؟ وكيف؟ ما هو الأسلوب أو الكلمات المناسبة التي يمكن أن يستعملها؟
  • مساعدة الطفل على استخدام الكلمات عوضاً عن اتباع سلوك غير مناسب. أي التواصل والتحدث معه باستخدام الكلمات المناسبة ليتدرب على التعبير عن نفسه واحتياجاته بطريقة لفظية مقبولة.
  • تعلم مهارة الإصغاء والإنصات إلى أطفالنا. أن نتحدث معهم ونستمع لأحاديثهم وقصصهم، وإفساح المجال لهم للتعبير عن آرائهم واستخدام لغة الحوار ومهارة النقاش والتفاوض، بحيث نتعامل معهم كأشخاص واعين لهم كيان خاص بهم.

تعليم المهارات الاجتماعية المناسبة مقابل العقوبات

عندما يفتقد الطفل المهارات الاجتماعية والسلوكية المناسبة أو لا يتمكن من التعبير عن نفسه واحتياجاته بواسطة الكلام فإنه يلجأ إلى السلوكيات الصعبة للتعبير عنها.

لماذا نعلم المهارات الاجتماعية والسلوكية المناسبة؟

  • لأنها حل طويل الأمد.
  • ترفع مستوى احترام الطفل لذاته.
  • تعلم مهارات سلوكية مناسبة.
  • تفصل الطفل عن سلوكه.

أما العقوبات فإنها:

  • لا تعلم أو تدرب الطفل على السلوكيات المناسبة والمقبولة.
  • تخلق لدى الطفل الشعور بالاستياء، والرغبة بالإنتقام، والتمرد، والإنطواء أو الانسحاب والإنغلاق.
  • يؤدي إلى زيادة السلوك العدواني لدى الطفل.
  • تعلم الطفل أن استخدام القوة كوسيلة للسيطرة أمر مقبول.
  • تخيف الطفل وتهينه وتحرجه مما يؤدي إلى تحطيم مفهومه لذاته وتدني احترامه لنفسه.

إن بناء علاقات إيجابية مع أطفالنا من خلال الوقت الذي نمضيه معهم وإظهار الاهتمام بهم كاللعب معهم، والضحك، والابتسام، والاستماع إليهم، وإعطاؤهم الثقة والتشجيع اللفظي أمر في غاية الأهمية.

وكأننا نقوم بتعبئة- خزان الحب- لديهم، وكلما قمنا بتعبئة خزان الحب لديهم فإننا نقوي ونثبت علاقتنا معهم ونبني ثقتهم بأنفسهم وبطريقة تصرفهم وسلوكهم، ونزيد من تعاونهم معنا ونطور مهاراتهم وقدارتهم على بناء علاقات إيجابية مع أنفسهم ومعنا ومع الآخرين.

والأمر الآخر المهم هو أن يدرك أطفالنا أنه من الطبيعي أن نقع جميعنا في الأخطاء وأننا كبالغين سنكون موجودين دائماُ لمساعدتهم على إصلاح هذه الأخطاء (سياسة الاعتذار).

وأن ندرك نحن أننا لسنا مثاليين و أننا لم نولد كاملين، ولا نملك كل المهارات التي تمكننا من تربية أبنائنا بطريقة جيدة أو تجعل منا آباء أو أمهات ناجحين، نحن هنا معاً كي نتعلم كيف نطور أنفسنا ونكتشف أفضل ما لدينا.

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية