قصص أمهات

لماذا تخلّت بسمة بدر عن العقاب والمكافآت كمدربة تربية سليمة؟

لماذا تخلّت بسمة بدر عن العقاب والمكافآت كمدربة تربية سليمة؟
النشر : مايو 03 , 2025
آخر تحديث : مايو 03 , 2025
بسمة أم لخمسة أطفال، وهي تهوى الكتابة منذ كان عمرها ثماني سنوات، بدأت في الكتابة بمدونتها الالكترونية بانتظام منذ أيلول من العام 2010،... المزيد

قبل شهرين، كنت أجلس في مطعم جميل مع مجموعة من الأمهات نتناقش في مواضيع مختلفة عن تربية الأطفال. وأخذنا الحديث كما هو متوقع بالنسبة لأمهات الأطفال دون سن الخامسة، إلى موضوع التأديب. كل واحدة منهن كانت تشارك بالنصيحة عن أفضل طريقة للتعامل مع "الطفل العنيد"، أو بالأحرى عن كيفية تأديبه. إحدى الأمهات تلقت نصيحة من خبير في الطفولة المبكرة مفادها أنها لطيفة جداً مع ابنها وأن هذا هو السبب وراء سوء تصرفه (تعليق مليء باللوم والإشعار بالذنب!) تحدثت أم ثانية عن الوقت المستقطع، وتحدثت أم ثالثة عن توبيخ الطفل. وصل الحديث إلى حرمان الطفل من الامتيازات، وعندما قالت إحدى الأمهات بأن هذا الأسلوب لا يأتي بنتيجة، اقترحت أم  أخرى (كما اقترح عليها خبير الطفولة المبكرة) بأن تحرم الطفل من الامتيازات ولكن أن تبقيها في مكان يستطيع فيه رؤيتها لكن لا يستطيع الوصول إليها.
جلست أنصت إليهن بهدوء وهن يناقشن هذا الموضوع، وأسأل فقط إذا كان هذا الأسلوب فعالاً، وحسب ما فهمت لم تكن أي من الأمهات منبهرة بالنتائج. أغلب هذه التجارب كانت غير مجدية، وتلك التي جاءت بنتيجة لم تستمر لوقت طويل، أو أدت إلى المزيد من نوبات الغضب والانهيارات الانفعالية.
التفتت إلي إحدى الأمهات وسألتني عن رأيي في هذه الأساليب، وقلت لها " في الحقيقة أنا لم أعاقب أياً من أطفالي أو أقدم لهم المكافآت منذ عام تقريباً" وساد الهدوء. لقد نظروا إلي وكأنني قلت لهم "أنا لا أطعم أطفالي سوى طعام وردي اللون".
التفتت إلي إحدى الأمهات وسألتني عن رأيي في هذه الأساليب، وقلت لها " في الحقيقة أنا لم أعاقب أياً من أطفالي أو أقدم لهم المكافآت منذ عام تقريباً" وساد الهدوء. لقد نظروا إلي وكأنني قلت لهم "أنا لا أطعم أطفالي سوى طعام وردي اللون". وتبع الصمت تعليق لإحدى الأمهات "أمر مثير للاهتمام" وجاء تعليقها على الأغلب لأنه لم يكن لديها شيء آخر لتقوله، وقالت أم أخرى "آه، أنت واحدة من تلك الأمهات" ورافق ذلك ضحكة صغيرة. بينما طلبت مني أمهات أخريات التوضيح أكثر، ولكن النقاش كان قد أخذ منحى آخر ووجدنا أنفسنا نتحدث عن موضوع مختلف وهو نشاطات ما بعد المدرسة.
أنا أفهمهن تماماً، لأنني كنت أؤمن بشدة بزاوية العقاب ومرطبان الكرات والحوافز للتعامل مع اطفالي لغاية ما قبل سنة تقريباً. لقد أمضيت السنوات الأخيرة من حياتي أحاول أن أخرج من المكان المظلم الذي كنت أشعر بأنني أعيش فيه، سواء كان ذلك بالنسبة للعمل أو بشكل أهم بالنسبة للعائلة. كل شيء في هذه الدنيا يحدث لسبب، وقد شعرت بأن السبب وراء وصولي للقاع في موضوع تربيتي لأطفالي هو لكي أدرك هذا الأمر البسيط: أن العقاب والمكافآت لا تساعد في غرس القيم التي أريد أن يكبر أطفالي عليها.
عندما أضع الحوافز لأطفالي،  مثلما يفعل مرطبان الكرات، فإنهم يقومون بعمل ما أطلبه منهم للحصول على مقابل . لقد كنت أؤمن بشدة بمرطبان الكرات، وتحدثت عنه في مدونتي الالكترونية بالتفصيل، وقمت بتشجيع الأهالي الآخرين على استعماله. ومن دون الخوض في التفاصيل، فإن هذه الطريقة تعمل عن طريق إكساب الطفل كرات صغيرة عندما يقوم بما أعتقد أن عليه القيام به، وأحوّل هذه الكرات إلى مكافآت في نهاية الأسبوع. وبالتالي إذا كنت أريد منهم أن يكونوا ألطف مع بعضهم البعض، كنت أخصص عدداً معيناً من الكرات للمعاملة الحسنة وعليهم اكتسابها.
لقد كنت أضلل نفسي وأقنعها بأن هذا سيجعلهم أناس أطيب وألطف. ولكن كل ما قام به هذا الأسلوب هو غرس فكرة أن عليهم أن يكونوا لطيفين إذا كان ذلك في مصلحتهم، وليس من أجل الطيبة بحد ذاتها. وتأكد لي هذا أكثر عندما بدأوا بالقول " ماما، لقد احتضنت عبدالله، هل من الممكن أن أحصل على كرة صغيرة؟" أو "ماما، لقد  ساعدت سعود عندما كان مصاباً، هل يحق لي الحصول على كرة؟".

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية