قصص أمهات

كورونا أعادت ترتيب أولوياتي بشكل لم أتوقعه

كورونا أعادت ترتيب أولوياتي بشكل لم أتوقعه
النشر : أكتوبر 17 , 2021
آخر تحديث : أكتوبر 21 , 2021

 

بقلم: آمال الزيادي

 

جائحة كورونا كان لها وقع مختلف على عالمي... بدأت الأحداث في شهر مارس من العام 2020 الضيف الذي كان له حضور مختلف غير العالم بأكمله.

من كان يتصور أن يعم الهدوء والصمت العالم بأكمله، أن تخلوا السماء من الطائرات، وتخلوا الطرق من عابريها وتغلق المدارس أبوابها؟ من كان يعتقد أننا بيوم من الأيام سوف نضطر إلى إغلاق الأبواب في وجه من نحب ونراه من خلف زجاج موصد والخوف يتملكنا من القريب والبعيد؟

من منَّا تخيل بأنه في يوم من الأيام سوف يدفن أحد والديه دون الصلاة عليه في مسجد يضج بالمعزين ودعوات الرحمة والمغفرة، أو أن تزف الأم أغلى بناتها دون حضور الأقارب والأصدقاء ومشاركة الفرحة معهم!

 

من زاويتي البسيطة كان لي معه موعد خاص ومميز وجميل، وأثر ملموس في عالمي الصغير... أنا تلك الإنسانة البسيطة التي لا تتجاوز همومي حدود إنجازي في دائرة العمل، وحدود عائلتي الجميلة، وصديقاتي.

 كانت هذه الفترة فرصة لي لترتيب البشر في حياتي حسب المواقف والعطاء والسند في وقت الأزمات... كانت أيضاً فرصة لممارسة الحياة بدون ضغط المجاملات والأقنعة المزيفة، فرصة رائعة للاختلاء بالذات وممارسة التأمل وصفاء الذهن.

كنت أحمل مشاعر مختلطة في داخلي تقضي على شعور القلق من الغد وتزيدني يقيناً بأن كل أقدارنا مخبأة في رسالة خفية من الله علينا أن نستكشفها ونؤمن بهذه الرسالة.

كان لتجربة خفض ساعات العمل والعمل عن بعد وقع إيجابي في حياتي، جعلتني أقضي وقتاً أكثر مع ابني الأكبر وتوأمي الصغيرين وأميرتي الصغيرة وأتواجد معهم طوال الوقت وأستمع إلى قصصهم الخيالية المبدعة ونلعب سوياً مختلف الألعاب وأتعمق في عالمهم الخاص وأحلامهم البسيطة، لاحظت من خلال قضائي وقتاً أطول مع ابني الأصغر بأن معدل العنف لديه انخفض بشكل ملحوظ وبأن هذا العنف لم يكن إلّا صرخة ليلفت انتباهي لحاجته لمزيد من الاهتمام والاحتواء، أمَّا بالنسبة لابني الأكبر اتضح لي خياله الخصب وخوفه وقلقه من العالم الخارجي ورهبته من الدخول في عالم الرجولة الذي يقف على أبوابه خجلاً.

 

قضائي لوقت أكبر مع أبنائي خلق لي فرصة عظيمة للتعمق في شخصياتهم ومخاوفهم والدخول أكثر إلى عالمهم الصغير وبناء علاقة ورابطة أقوى معهم.

فترة الحجر كان لها وقع إيجابي أيضاً على علاقتي الزوجية، تقربت فيها أكثر من زوجي وزاد التواصل فيما بيننا، ابتعادنا عن العالم الخارجي خلق لنا فرصة للتقرب من بعضنا أكثر وتقريب المسافات بيننا.

 

من زاوية أخرى تمكنت على مدى فترة الحجر من صقل مهاراتي في الطبخ والتنويع في الوصفات وزيارة مطابخ العالم وتقديم أصناف مختلفة لعائلتي من الحلويات والمعجنات والأكلات المختلفة.

انتقلت مهاراتي من الطبخ إلى الجمال والعناية، نظراً لإغلاق مراكز التجميل تعلمت وأتقنت كيف أعتني بأظافري وشعري وبشرتي في المنزل دون الحاجة لزيارة مراكز تجميل، تعلمت أنه ليس بالضرورة أن يكون الأمر مكلفاً وبإمكاني اتباع روتين عناية خاص بالمنزل وبتكاليف أقل.

 

ختاماً كان لي وقفة تأمل للمجتمع من حولي وردة الفعل وتضارب الآراء والإشاعات التي لا يصدقها عقل تجاه تطعيم كورونا، وتساءلت في نفسي أين ذهب المنطق وقبله التوكل على الله.

 

كانت فترة الحجر بالنسبة لي تجربة أحتاج أن أعيشها وأستغلها للتقرب من أسرتي وإصلاح الأخطاء السابقة، فرصة لزيادة حب الذات والاهتمام بنفسي بشكل أكبر، كانت فرصة على اختلاف ترتيب أحداثها الغريبة إلَّا أنها وضعت بصمة مختلفة على عالمي.

فعلاً رُبَّ أمراً ظاهره شر باطنه خير...

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية