صحة الأطفال

أهمية تعليم الأطفال مهارات الذكاء العاطفي للتعبير عن مشاعرهم

أهمية تعليم الأطفال مهارات الذكاء العاطفي للتعبير عن مشاعرهم
النشر : مارس 19 , 2023
آخر تحديث : سبتمبر 25 , 2023
مدربة مهارات ذكاء عاطفي معتمدة من Six Seconds (شبكة الذكاء العاطفي). عملت كمعلمة منتسوري سابقاً ولديها خبرة في تدريس الأطفال الصغار لأكثر... المزيد

في ذلك اليوم حين ذهبت لاصطحاب ابني من تدريب السباحة، لاحظت أنه كان مستاءً ومحبطاُ للغاية، فقد عاش ضغوطاً كثيرة مؤخراً لأن هذا هو عامه الأخير في المدرسة بالإضافة إلى عدم تمكنه من تحقيق أهدافه في الرياضة.

وكعادتي، بدأت أحاوره وأتحدث إليه عن مشاعره وأحاول أن أساعده في أن يطور مهاراته في الذكاء العاطفي والتعامل مع العواطف والمشاعر الصعبة وتجاوزها، لكنني تفاجأت حين قال لي بأنه لا يرغب بالتحدث عما يزعجه وأنه سيكتمه في داخله تماماً كأي رجل كبير وقد صار في السابعة عشرة من عمره.

كنت عاجزة عن الكلام فلطالما كنا نخوض في أحاديث عميقة أنا وهو، وكان دائماً يفصح لي عما في داخله ويشاركني أفكاره، حتى أنه كان دائماً يعتبرني معالجته النفسية الخاصة. والآن وبعد كل تلك النقاشات التي خضناها، شعرت أن المفاهيم الثقافية الخاطئة والأفكار المغلوطة ما زالت تحاصرني بالرغم من كل شيء.

 

لماذا يمكن أن يكون كبت المشاعر مضراً؟

يؤدي كبت المشاعر عند الأطفال إلى الانسحاب والعزلة

من خلال خبراتي السابقة وبعد حصولي على شهادة في الذكاء العاطفي، أدركت أن كبت المشاعر أمر سهل جداً يمكن أن نبرع فيه. لكن ومن ناحية أخرى، يحتاج الأمر إلى شجاعة كبيرة أحياناً للتعبير عن هذه المشاعر وعن كل ما يضعفنا. لاحظت أننا كلما كتمنا هذه المشاعر أكثر، صارت أقوى وأعمق؛ وكلما تجاهلناها أكثر، زاد حضورها لدينا.

وبعكس ما هو شائع ومعروف، إن كبت المشاعر وإخفائها لا يتعلق بالرجال فقط، فلطالما احتفظت بمشاعري وكبتها في داخلي، وكثيراً ما كنت أشعر بالحرج من البكاء أمام الناس، حتى أمام أقربهم إلي. كما أنني احتفظت بمخاوفي وحزني عن أطفالي ظناً مني أنني أحميهم، ولم أكن أعلم أنني بذلك أحرمهم وأحرم نفسي من لحظات كان يمكن أن تقوي علاقتنا وترابطنا أكثر. أعلم أنه من الصعب التخلص من هذه العادة، عادة كبت المشاعر، لكن الوعي بتبعاتها ومساوئها هو أول خطوات التغيير.

تذكروا أننا إذا لم نعبر عن مشاعرنا ونشاركها مع أطفالنا، فإنهم لن يفعلوا ذلك أيضاً، لأن الأطفال قادرون على استشعار ما في دواخلنا من عواطف وأحاسيس حتى وإن حاولنا إخفاءها. بشكل عام، من السهل التعبير عن المشاعر المريحة مثل السعادة والفرح والإثارة، لكن من الصعب التعبير عن المشاعر غير المريحة مثل الحزن والخوف والندم والإحباط.

قد تدفعنا هذه المشاعر غير المريحة نحو الانسحاب والعزلة، وهذا أمر جيد في حال كان هو ما نحتاجه لحل مشكلة ما. ولكن من الجيد أيضاً أن نلجأ ونفصح عن مشاعرنا لشخص مقرب منا يمكنه فهمنا ومساعدتنا. يحتاج أطفالنا إلى هذا النوع من التواصل؛ فهم ما زالوا في مراحل النمو والتطور، وعلينا أن نعلمهم كيف ينظمون ويتعاملون مع المشاعر الصعبة.

 

كيف يمكن أن تكون مشاعرنا حليفة لنا؟

أهم مهارات الذكاء العاطفي هي تسمية المشاعر

لفهم مشاعرنا، علينا أن ننظر إليها كصديقة أو حليفة لنا. فالمشاعر هي فعلا مثل صديق يطرق بابك لإيصال رسالة ما؛ يلفت انتباهك من خلالها إلى ما تحتاجينه. إذا كنتِ غاضبة أو مستاءة مثلاً من طفلك، فإن مشاعرك تخبرك أن هناك مشكلة أو تحدٍّ ما يجب معالجته.

تؤثر مشاعرنا أيضًا على سلوكنا، سواء على مستوى الوعي أو اللاوعي، مع كون هذا الأخير أكثر شيوعًا لأننا كائنات تتبع العادة. لذا فبدلاً من قمع وكبت هذه المشاعر، من الأفضل التعامل معها بذكاء واستبطان الحكمة من ورائها.

كما أن قيامنا بتسمية عواطفنا له تأثير كبير؛ فهذا يخلق مساحة بيننا وبينها تجعلنا نراها بشكل أكثر وضوحاً، وبالتالي نستجيب لها بوعي أكبر. فنحن نقلل من حدة هذه المشاعر عندما نسميها، لأننا نفعِّل بذلك الجزء التحليلي من الدماغ ونهدِّئ الجزء العاطفي منه. لذلك، عندما تراودكم مشاعر معينة حاولوا تسميتها. ثم اسألوا أنفسكم، "بماذا أشعر أيضاً؟" ومن ثم تقبلوها. أفهم أنه قد يكون من الصعب قبول ما نشعر به في بعض الأحيان، لكن محاكمة مشاعرنا وأنفسنا لا يساعد أيضًا. لذلك، فإن الترحيب بها وتقبلها والتعامل معها كصديق يعطي نتائج أفضل.

إن اعترافنا بمشاعرنا وتقبلها يجعلنا نتأكد من أنها مشروعة وحقيقية وممكنة وهذا يريحنا بلا شك، وكذلك أطفالنا، عندما نطمئنهم أن ما يشعرون به طبيعي، فنحن نعطيهم بذلك المساحة للتعبير عن أنفسهم وعن مشاعرهم بشكل آمن. لذا من المهم أن نساعدهم بزيادة مفرداتهم العاطفية وذلك بتشجيعهم دائماً على تسميتها.

في الختام، نحتاج إلى تعليم أطفالنا أن مشاعرنا هي جزء من حياتنا وأن التعبير عنها أمر ضروري. من خلال الاعتراف بها وتسميتها وتقبلها والتعامل معها بشكل صحي وسليم. يمكننا مساعدة أطفالنا في تطوير الذكاء العاطفي لديهم من خلال إعطائهم النموذج السليم والصحي في التعامل مع مشاعرهم ومن ثم خلق مساحة آمنة لهم للتعبير عنها. يتطلب الأمر شجاعة لكسر المفاهيم الثقافية الخاطئة من حولنا، لكن الأمر يستحق ذلك من أجل صحتنا وصحة أطفالنا النفسية والعاطفية.

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية