القراءة بصوت عالٍ للأطفال ليست مجرد نشاط عابر، بل هي استثمارٌ حقيقي في مستقبلهم حيث إنها تغذي عقولهم وقلوبهم، وتبني أساساً متيناً لشخصياتهم يوماً بعد يوم.

 لتدرك القوة الحقيقية لهذه العادة البسيطة، إليك خمس فوائد أساسية تدفعك للبدء بها اليوم:

1. تطوير المهارات اللغوية والمفردات لدى الطفل. 

يعتبر تطوير المهارات اللغوية والمفردات لدى طفلك من أكثر الفوائد مباشرة ووضوحاً حيث يتعرض الأطفال من خلال الكتب لمجموعة أوسع وأغنى من المفردات مقارنة بالكلام اليومي أو البرامج التلفزيونية، حيث تتفوق الكتب بنسبة تصل إلى 50% في استخدام الكلمات النادرة والمعقدة.

 أظهرت الدراسات أيضاً وجود علاقة إيجابية مباشرة بين عدد الكلمات التي يسمعها الطفل في عمر مبكر (مثل 8 أشهر) وحجم مفرداته اللغوية في عمر متقدم (مثل 3 سنوات). لذا، فإن القراءة هي الوسيلة الأم لتعزيز التطور اللغوي كمّاً ونوعاً.
 

2. تعزيز الرابطة العاطفية بين الوالدين والطفل.

تمنح القراءة المشتركة مساحة ثمينة للتواصل الهادئ والحميم بين الوالدين والأطفال حيث إن احتضان الطفل والإشارة إلى الصور معاً وتقليد الأصوات والضحك داخل سياق القصة، كلها أنشطة تعمق الشعور بالأمان والقرب العاطفي. فجعل القراءة جزءاً من الروتين اليومي، خاصة قبل النوم، هو طريقة فعالة لإعادة التواصل بعد يوم طويل ومشغول.

3. تسهيل معالجة المواقف الصعبة والجديدة.

تقدم الكتب طريقة آمنة ومألوفة للطفل لفهم والتعامل مع التغييرات أو التحديات في حياته. سواء كان الاستعداد لمرحلة جديدة مثل الذهاب إلى الحضانة، أو التعامل مع مشاعر مثل الخوف أو الغيرة، أو تغييرات كبيرة مثل قدوم مولود جديد، هناك كتب مصممة خصيصاً لهذه المواضيع. تعمل القصص كجسر لبدء محادثات صعبة ومساعدة الطفل على استيعاب مشاعره والتعبير عنها.

4. بناء أساس قوي للنجاح الأكاديمي.

الأطفال الذين يقرأ لهم هم أكثر استعداداً لدخول المدرسة. فهم قد تعرضوا مسبقاً لمفاهيم أساسية مثل الأرقام والأحرف والألوان والأشكال، بالإضافة إلى فهم بنية اللغة. تثبت الدراسات الحالية أن هؤلاء الأطفال يميلون إلى تحقيق تفوق أكاديمي أكبر في المستقبل، حيث أن مهارات القراءة والاستيعاب المبكرة هي حجر الأساس للتعلم في جميع المجالات.

5. تنمية الحب الدائم للقراءة.

السبب الأهم في القراءة على صغر هو غرس حب القراءة على المدى الطويل.

 عندما يربط الطفل القراءة بمشاعر الدفء والمرح وقضاء وقت مميز مع والديه، فإنه يطور نظرة إيجابية نحو الكتب وهذا الارتباط العاطفي هو ما سيجعله يصبح قارئاً مدى الحياة، مما يفتح له أبواب المعرفة والخيال والتعلم المستقل إلى الأبد.

الخلاصة: ان الاستثمار في القراءة بصوت عالٍ لطفلك هو استثمار في نموه العقلي والعاطفي وأدائه الأكاديمي المستقبلي. إنها ليست مهمة تعليمية، بل هي هدية من الوقت والاهتمام تخلق ذكريات دائمة وتُعزز رابطة لا تُقدّر بثمن. وكما قال الشاعر ستيكلاند جيليان: "قد تمتلك كنوزاً لا حصر لها، وصناديق مجوهرات ممتلئة، لكنك لن تكون أثرى مني، فأنا كانت لي أم تقرأ لي".