قصص أمهات

لا بأس في القليل من عدم الإيجابية

لا بأس في القليل من عدم الإيجابية
النشر : ديسمبر 17 , 2020
آخر تحديث : أغسطس 07 , 2021
خبيرة في الاتصال والإعلام وأم لطفل، لبنانية الجنسية وتعيش في أبو ظبي، وتمتلك موقعاً تنشر من خلاله كتاباتها حول الأمومة والزواج والعمل... المزيد

"فكري بإيجابية"

هذا الرد الذي يتكرر على مسامعنا مؤخراً بشكل كبير كلما حاولنا أن نعبر عما يزعجنا، كلما حاولنا أن نشكو مما يسبب لنا الغضب والحزن، فتنهال علينا هذه العبارة وغيرها مثل" تذكري قانون الجاذبية". نعلم أن هناك حقيقة خلف هذه الكلمات، وأننا يجب أن نركز أكثر في أنماط تفكيرنا لما لها من دور كبير في تغيير واقعنا، ولكن إعطاء هذه النصيحة بشكل دائم وكرد على كل شيء، جعل الناس يشعرون بأن لا أحد يستمع لهم، إن كنتِ تشعرين بهذا الشيء، فهذه المقالة لكِ.

مقابل السعادة بداخلنا هناك الحزن، ومقابل الفرح هناك الألم، ومقابل الأفكار الإيجابية هناك الأفكار السلبية. وبقدر رغبتنا في السلام الداخلي فإن هناك حرب نخوضها بداخلنا.

إن التفكير بشكل إيجابي لا يعني قمع الأفكار السلبية، حيث إن التغاضي عن الأفكار السلبية وعدم معالجتها، سيؤدي إلى كتمانها وكبتها في داخلك، لتخرج فيما بعد على أشكال أخرى، تؤثر على صحتك الجسدية والنفسية، فتصاب بالتوتر أو القلق أو الاكتئاب، بالإضافة إلى ألم في العضلات أو صداع أو حتى أمراض مزمنة، إن قمع عواطفك هو أحد أكثر الأفعال ضرراً التي يمكن أن تلحقيها بنفسك.

لذلك فإن عدم وجود شخصاً ما يستمع لهذه الأفكار وتستطيعين التعبير عنها أمامه، فإنه يساهم في قمع مشاعرك، والتقليل من شأنك، فستميلين إلى كبت رغبتك في التعبير وتجاهل هذه المشاعر، مما يبعدك عن الآخرين ويدفعك لتجنبهم!

ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، نلاحظ أن هناك معركة مستمرة لإظهار حياتنا المثالية وأننا نعيش في سعادة دائمة، مما يساهم في جعل الناس ومستخدمين هذه المنصات أكثر ميولاً لكبت مشاعرهم الحزينة والتعبير عنها، مما يعني مزيداً من الكبت العاطفي.

صحيح أن هناك مميزات للتفكير الإيجابي  في الحياة، ، ولكن ما هي الطريقة الصحيحة للقيام بذلك؟ وكيف تجعل الناس يغيرون أفكارهم بطريقة نفسية سليمة؟

إن من أفضل النصائح التي سمعتها، هي أن نقوم بكتابة كل ما يزعجنا، حيث إن كتابتها تجعلها تبدو أكثر واقعية، إن كان هدفنا التخلص من المشكلة تمامًا وليس الخوض فيها أكثر، فإن تدوين أفكارك هو وسيلة لإخراجها من عقلك ومن حياتك، حيث إنها طريقة رائعة لمساعدتك على التفكير في مشاعرك لأنك مجبرة على قراءتها ومواجهتها، كما ستكونين قادرة على تحديد ما إذا كانت مشكلة تستحق الحل أو أنها مجرد أفكار لا معنى لها.

في المرة القادمة التي تراودك فيها أفكار سلبية، لا تخافي أو تخجلي من مشاركتها مع غيرك، وعندما يُطلب منك "التفكير بإيجابية"، فقد يكون هذا هو الشيء الصحيح الذي يجب سماعه وقد يؤدي إلى إحداث تغيير إيجابي.

ومع ذلك، في تلك اللحظات المظلمة التي تحتاجين فيها حقًا إلى من يستمع إليك، لا تقبلي أن تكوني إيجابيية، فمن الجيد أن يكون لديك أفكار سلبية وإعطاء ذاتك المجال للتفكير فيها، وحتى تدوينها للتعرف عليها بشكل أفضل. ومن ثم البحث عن حلول لتجاوزها وإعطاء المجال للأفكار الإيجابية لتزدهر.

أنتِ من تملكين أفكارك، ويجب أن تقومي بمحاولة السيطرةعليها، وعليكِ التعبير عن مشاعرك وأحاسيسك، فالإيجابية هي طريقة التعامل مع المواقف في الحياة وليس معناها أن لا يكون لدينا ردود فعل طبيعية كالحزن واليأس، أما السلبية فهي التعامل مع كل شيء بطريقة سلبية بغض النظر عن الموقف، سواء كان إيجابياً أم سلبياً.

 

 

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية