الولادة

أنجبت طفلتي في السيارة وكانت تجربة رائعة

أنجبت طفلتي في السيارة وكانت تجربة رائعة
النشر : نوفمبر 06 , 2017
آخر تحديث : سبتمبر 25 , 2023
الدليل الشامل للأمهات في العالم العربي المزيد

بقلم: فاطمة عصفور، أم لأربع أطفال

منذ ثلاث سنوات تقريباً غيرت أسلوب حياتي بشكل كبير. منذ صغري كنت شغوفة بالطب البديل وأي بديل طبيعي، لكن تطبيقي له كان بسيطاً جداً...ولكن بعد ولادتي الثالثة-والتي دامت لساعات طويلة بسبب اعطائي الطلق الصناعي كما حصل مع ولاداتي قبلها، وبعد عودتي إلى الرياض حيث لم أكن سعيدة، كنت قد كسبت الكثير من الوزن، وكنت مشتاقة لحياتي المهنية كمهندسة معمارية ومصممة حدائق. وكثيراً ما سمعت نصائح بأن أقم بالتدريس، فمؤهلي عالٍ مع شهادتي ماجستير...لكن ذلك لم يكن ما أبحث عنه...!! كتب الله لي في تلك الفترة أن أتعرف على مرشدة صحية Health Coach من الأجانب المقيمين في الرياض. بتعرّفي عليها فتحت لي أبواب رسمت لي مكاني الآن. أعجبت كثيراً بكلامها، فبدأت أبحث وأقرأ، وكلما تعمقت كلما تعلقت أكثر. قررت بعدها أن أنشر هذا العلم الرائع، فقمت بإنشاء صفحتي. تحولت حياتي بشكل جذري، خسرت 20 كيلو من وزني، وتغير تفكيري في الكثير من الأمور. بازدياد المتابعين على صفحتي، قررت أنه يجب عليّ أن أحصل على شهادة كمرشدة صحية Health and Wellness Coach لأكون أكثر مصداقية. تعلمت كثيراً في رحلتي هذه، وتعرفت على كثير من "الأخوات" الأجنبيات في الرياض اللاتي بأفكارهن دعمن توجهي الجديد. بعد التحول الجذري في حياتي وأسلوب معيشتي، حملت بابنتي الرابعة. كنت في عمّان عندما علمت بحملي بها، ولأنني كنت سأسافر براً من عمّان إلى الرياض، ارتأيت أن أذهب إلى طبيبتي للاطمئنان. قمت بعمل صورة 4D التي ندمت عليها، كان الفحص يسير على ما يرام، حتى انتبهت الطبيبة أنني في الثمانية والثلاثين من عمري لتخبرني أنه يوجد احتمالية لوجود تشوه في الجنين وأصرت على أن أقوم بعمل فحص مخبري. لتأتي النتيجة غير واضحة وطلبهم مني أن أقوم بعمل فحص مخبري أدق بنسبة 99% ولكنه مكلف جداً، بضع مئات من الدنانير، وصلتني هذه المعلومات وأنا في طريقي إلى الرياض، لأصاب بمشاعر مختلطة أشدها الحزن. تناقشنا كثيراً في الموضوع أنا وزوجي، وما هو الأنسب عمله شرعياً ونفسياً وحياتياً، بالأخص مع الضغوط من المحبين بإجراء الفحص للتأكد وقطع الشك باليقين. قررنا كأضعف الإيمان أن نقوم بعمل فحص السونار رباعي الأبعاد (4D) في الرياض، أعلمتنا الطبيبة أن عمر الجنين أصبح متقدماً لكي تظهر نتيجة الفحص على جهازها وأنه إذا أردنا التيقن فعلينا عمل الفحص المخبري. لكنها طمأنتنا بأنه مما يبدوا لديها فالمقاسات طبيعية، وعندما أريناها نتيجة المختبر التي أجريناها في عمّان، أكدت لنا أن الأرقام ضمن الطبيعي.

قررنا بعدها أنا وزوجي أن نسلم أمرنا لله وبأننا راضون بكل ما كتبه لنا، فهي طفلتنا سنحبها ونرعاها كيفما كانت.

بدأ موعد الولادة بالاقتراب، وبدأت العديد من الأفكار تدور في رأسي. لم أعد أشعر بالثقة بأطبائي، وكما اختلف توجهي في كل أمور حياتي فحتى ولادتي هذه يجب أن تكون مختلفة، فكما أصبحت حياتي تعتمد على كل ما هو طبيعي كان يجب أن تكون ولادتي كذلك. اتخذت القرار بأن أنجب طفلتي في الرياض، في بيتي، في راحتي. في ذلك الوقت كانت قد كبرت دائرة المحيطين بي من الأخوات الأجانب، كثير منهن كن يشاركن أفكاري وكثير منهن مدربات ولادة ودولا. صديقة لي منهن كانت تحت التدريب، اتفقنا على أن تقوم بتدريبي بحيث تحصل هي على اعتمادها وأحصل أنا على الثقة اللازمة لخوض تجربة الولادة. بدأت بأخذ الدروس، وكلما تقدمنا في المنهاج كلما زادت ثقتي بنفسي. تعلمت كيف أترجم العلم النظري لدي إلى علم تطبيقي. تعلمت كيف أن الله أحسن خلق أجسامنا وأننا قادرات على الولادة. تعلمت كيف أن السيدة مريم ولدت بنفسها عند جذع نخلة. تعلمت كيف أن هناك أساليب عديدة للتعامل مع الألم. تعلمت أن التدخلات الطبية لها أثر الدومينو عليّ وعلى طفلي. تعلمت أنني أدين لطفلتي بأن أكون قوية ولا أعتمد على المسكنات وأثرها السلبي عليها. تعلمت الكثير والكثير...وأخيراً جهزت خطة الولادة Birth Plan، واخترت مستشفى في الرياض يدعم الولادة الطبيعية بدون مسكنات ولا قص العجان وحتى تأخير قص الحبل السري. اطمأنّت نفسي كثيراً، فمع هذه الولادة شعرت كأنها ولادتي الأولى، فكلها تجارب كنت سأخوضها لأول مرة.

حافظت على نشاطي، فكنت أمارس المشي باستمرار، وأحافظ على غذائي، وأقوم بتمارين الحمل والتنفس والاسترخاء. حتى كان يوم الخميس 30-3-2017، يوم واحد باق على الأسبوع الأربعين. بدأ معي الألم في الساعة 7:30 صباحاً، بدأت الطلقات تتقارب كثيراً واستمرت طويلاً.

راودتني الشكوك إن كانت ولادة حقيقة أم تنبيه كاذب (لم أكن أعلم أن الطلقات يمكن أن تبدأ متقاربة منذ البداية)، بدأت أسترجع كل المعلومات التي درستها من تنفس عميق وطرق الجلوس المختلفة مثل القرفصاء والركوع واستخدام كرة الولادة، وحمام ماء ساخن، ومساجات بزيت اللافندر من زوجي (كل درس كنت أتعلمه كان عليّ أن أعيده عليه). عندما كان يشتد الألم كنت أشك في مقدرتي على التحمل، كنت أتذكر قصة السيدة مريم، فقمت بأكل التمر وشرب ماء زمزم والاستعانة بالدعاء. في الساعة العاشرة قررنا أنا وزوجي أنه من الأفضل الذهاب إلى المستشفى، ولأن المستشفى الذي اخترته كان بعيداً عن بيتي حصل ما لم أكن أتوقعه. شعرت فجأة بكم هائل من الماء يتدفق وأحسست بقرب رأس ابنتي. حاولت الحفاظ على تركيزي واستمريت بأداء تمارين التنفس العميق وفتح الفم والآهات الخفيفة، لا أدري لِمَ لمْ يخطر لي أن أحاول الجلوس بالطرق المختلفة التي تساعد على الولادة الطبيعية مثل القرفصاء والركوع، كنت أجلس جلسة الراكب المعتادة. أخبرت زوجي أنها لن تصبر وأنني أشعر بها تريد الخروج، لتأتي طلقة قوية ودفعة ليخرج رأسها، تلتها طلقة أخرى ودفعة لتخرج كلها وأتلقفها وأضمها إلى صدري وألفها بحجابي (تذكرت فيديو عرضته عليّ معلمتي عن قبائل في البرازيل تقوم الأم بالولادة بنفسها وتلقف مولودها).. وصلنا إلى المستشفى بعد حوالي 7 إلى 10 دقائق، ليصاب الطاقم بحالة من الهلع ويأتيني الممرض راكضاً وبيده مقص ليقص الحبل السري لأطلب منه أن يدعه حتى أصل إلى الداخل (ذكرت في خطة الولادة أنني أريد تأخير قص الحبل السري). منذ لحظة دخولي إلى المستشفى بدأت التدخلات الطبية واضطررت إلى التمسك بمطالبي في كثير من الأمور بالرغم من احتداد الأطباء، لكنني في النهاية كنت سعيدة لأنني اختصرت عدداً هائلاً منها لا داعي له. صورة لطفله صغيرة نائمة
قررنا أن نسمي طفلتنا مريم، فقد حازت على اسمها بشرف، كنت أعتقد أن نقاهتي كانت سريعة مع بناتي الثلاث، مع مريم ثبت لي أن النقاهة ما بعد الطبيعي الحقيقي أسهل بكثير. بعد تجربتي هذه، التي أشعر بالفخر وأنا أقصها، قررت أن أصبح أنا نفسي معلمة ومدربة ولادة ودولا بإذن الله. ما زلت تحت التدريب، ولكنني أقسمت على نفسي كما أقسمت على نفسها مؤلفة منهاج "أماني" أن نقوم بنشر الوعي عن الولادة الطبيعية الغريزية الفطرية بمعناها الحرفي وبالوسائل التي تضمن للأمهات خوض تجربة ولادة رائعة وسعيدة تغير النظرة السلبية المنتشرة. صورة ل 3 أطفال يلعبون البزل

وكنصائح أوجهها لكل الأمهات الحوامل أو اللواتي ينوين على الحمل، مني كأم، وكمدربة صحية Health and Wellness Coach، وكمدربة حمل وولادة ودولا CBE and Doula في المستقبل القريب بإذن الله:

  1. العلم نور؛ من حقك على نفسك وعلى طفلك وعلى كل محبيك أن تقرئي وتبحثي وتتعلمي لكي تكون لك أنت اليد العليا في أي قرار تتخذينه بما يتعلق بجسدك وبحملك وولادتك وليس لأي شخص آخر كائن من كان.

  2. تذكري دائماً أن الله حين خلق أجسامنا لم يخطئ، فهي قادرة على خوض هذه التجربة من منطلق فطري غرائزي. هل فكرتم لم تستطيع الحيوانات الولادة بنفسها، وهل رأيتم مثلا فيلة تلد وهي نائمة على ظهرها؟

  3. تخيلي نفسك تستعدين للمشاركة في ماراثون للجري، هل ستقومين بالتدريب بشكل جدي أم أنك ستتركين نفسك لآخر لحظة. الله أعطانا 9 أشهر للاستعداد للحظة الولادة والتحضير لها. اهتمامك بغذائك ونشاطك ونفسيتك لها أثر أكبر مما تتصورين على الولادة التي تحلمين بها، فلنعقل ولنتوكل.

صفحة فاطمة على الفيسبوك

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية