العلاقات

رسالتي إلى زوجي العزيز لنربي أبناءنا معاً في وئام

رسالتي إلى زوجي العزيز لنربي أبناءنا معاً في وئام
النشر : مايو 17 , 2020
آخر تحديث : أغسطس 02 , 2022
أتمت حنان الماجستير من الجامعة الأردنية عام ٢٠٠٥، حيث كان موضوع رسالتها التي أعدتها لنيل الماجستير يتناول التعلق لدى المراهقين وعلاقته بتقدير... المزيد

زوجي الغالي، تحية طيبة وبعد،

نظراً لكثرة انشغالاتك، ولكي أسهل عليك الأمور، قررت أن أكتب لك في رسالةٍ بعضَ النقاط التي تؤثر فيّ وفي أطفالنا. أتمنى أن تقرأها بعناية، وأن تشكل مرجعاً تعود إليه بين حين وآخر للتذكير، ويمكننا مناقشة ما ورد فيها وتعديله أو الإضافة إليه معاً كعائلة في أي وقت.

  • أدري أنك مشغول جداً بالتزاماتك خارج المنزل، إلا أنك والدٌ وأب، وهذا الالتزام -بدوره- ليس هيناً. يشتاق الأولاد إليك وإلى التعرف عليك والاستماع إلى كلماتك وقصصك وتجاربك، وإذا كانت كل الالتزامات خارج المنزل تشغلك عنهم، فسرعان ما ستشعر بالغربة عنهم وأنت في منزلك. لذا يا عزيزي أتمنى أن تخصص وقتاً بسيطاً يومياً لهم، حتى لو كان ربع ساعة فقط، ووقتاً أطول لنا كعائلة نقوم بنشاط يختاره الأطفال كل أسبوع. هذا سيقربنا منهم وسيقربهم منا.

 

  • في عملك، أنت تتلقى الكثير من الدورات والتدريبات والنصائح من زملائك، وتتقبلها عادةً وتناقشها. أحياناً أشعر بأن ما أقوله لك عن تربية الأولاد لا يلقى منك أذناً صاغية، وتقول إنك ستربي أبناءك كما رباك أهلك وكفى! لكي أقرب الأمر لك سأستخدم مكان عملك مثالاً؛ فعملك الحالي لم تكن طريقة القيام به هي نفسها قبل 20 أو 30 عاماً؛ إذ إن الدنيا تغيرت، والتكنولوجيا، والكثير من المعطيات والمتغيرات، فأصبح التطوير المستمر والمراجعة لما ينقع وما لا ينفع هو الأهم لاستمرار العمل ونجاحه. كذلك الأمر في تربية أولادنا؛ فما كان يصلح قبل 10 أعوام حتى، وليس 20 عاماً، لا يصلح الآن. لذا يا عزيزي، أتمنى أن تعمل على تطوير نفسك من هذه الناحية. إن لم تكن تريد أن تقرأ وتطلع بنفسك على المقالات الكثيرة التي أرسلها لك عبر وسائل التواصل الاجتماعي (إذ إنني أسعى لتطوير هذه الناحية بقراءة الكتب والمقالات فـ"عملي" الأساسي هو التربية والأمومة!)، فأتمنى على الأقل أن تستمع لما أقوله لك مما تعلمته وجربته مع أطفالنا وكان نافعاً. ومع كل ذلك أتمنى أن تقرأ أكثر بنفسك أيضاً؛ إذ إن القراءة والتأمل بشكل فردي مهمان جداً.

 

  • التربية ليست مهمة سهلة، كما أن تصرفات الأطفال تختلف باختلاف أعمارهم ووعيهم وتجاربهم. لذا يا عزيزي حين يتصرف طفلنا تصرفات سلبية بسيطة تتناسب مع عمره فلا تغضب وتقول إنه بحاجة إلى إعادة التربية من جديد. أنت لا تدرك كم تجرحني هذه الكلمة فوق كل تعبي وعطائي معه. التصرف السلبي يحتاج إلى التعامل معه بطريقة تتناسب مع الطفل وعمره، وهذا وحده يحتاج إلى جهد جهيد. لذا، إن لم تعنّي على التعامل مع الموقف فلا تزد عليّ ألمي بانتقادك. أتقبل ملاحظاتك حين تكون في محلها، لكن أتمنى أن تميز الفرق بين السلوك السلبي المقصود وذلك غير المقصود، والمشاعر والسلوكيات السلبية الموقفية التي تحتاج إلى التعامل معها بحكمة.

 

  • لا تنسَ أنك قدوة، شئت أم أبيت! إن أطفالنا في صغرهم أشبه بإسفنجة تمتص كل ما حولها وتبني عليها، لذا، إن كنت تريد أن ترى أبناءنا وهم يحيون حياة صالحة وجيدة وطيبة، فيجب أن نحيا نحن كذلك هذه الحياة ما أمكن لتكون حجر أساس يبنون عليه قناعاتهم الراسخة وتوقعاتهم في المستقبل. من المستبعد أن يقتنع الأطفال بضرر السجائر والأرجيلة مهما تحدثنا عن ضررهما طالما أنت تعتمدهما أسلوب حياة؛ ولا أن يحترموا البنات والنساء الأخريات إن كنت تهينني بكلماتك -بقصد أو دون قصد-؛ حتى إن بناتنا قد يظنّن أن هذا الأمر طبيعي ويتقبلن أن يهينهن الآخرون الآن ومستقبلاً؛ لأن "الأنثى" من الطبيعي أن تهان كما يرين منك. ولن تلقى من ابننا أذناً صاغية حين تطالبه بالتوقف عن اللعب بالألعاب الإلكترونية ما دمت بدورك لا تترك الهاتف الذكي من يدك. من الضروري أن لا نقبل على أنفسنا ما لا نقبله لأولادنا، الآن ومستقبلاً. كذلك الأمر بالنسبة إلى الكذب، أو الاستهزاء بالآخرين، أو أي صفة سلبية لا نريدها. لنكن قدوة حسنة لأبنائنا بمعايشة الأخلاق التي نريد أن يتحلوا بها إن شاء الله تعالى.

 

  • من المحتم أن نختلف بين حين وآخر. إذا ما اختلفنا أو تشاجرنا أمام الأطفال فلا بد أن نتصالح أمامهم أيضاً ونحل المشكلة. بهذه الطريقة نضرب عصفورين بحجر واحد: أولاً، نعلمهم أنه لا توجد علاقات من دون مشكلات مهما كانت وثيقة وقريبة، إلا أن التعامل معها بشكل سوي وصحي هو الأسلول الأمثل لاستمرار العلاقة بل ولزيادة قربها بعد كل مشكلة نظراً لزيادة التفاهم بين الطرفين. هذا مهم جداً كذلك لتجنب المثالية بعدم الخلاف أمامهم مطلقاً؛ إذ إن هذا يخلق توقعات غير واقعية بأن الحياة الزوجية والعلاقات خالية من أي مشكلات. ثانياً، سيشعر أطفالنا بالأمان لأننا نستطيع التوافق حتى لو اختلفنا، بدل أن يشهدوا خلافنا فقط، فيقلقون ويتوترون ويتخيلون الأسوأ، بل وربما يشعرون بالذنب لو كان الخلاف بسبب أمر يتعلق بتربيتهم، من دون أن يعرفوا أن المشكلة قد حُلت لاحقاً. لذا يجب أن نهتم جداً لهذا الأمر ونعمل على تعلم طرق حل المشكلات بيننا، والتي نريد نقلها لأولادنا، بشكل صحي. مرة أخرى: نحن قدوة لهم حتى في ذلك.

​​

  • النقطة الأخيرة تتعلق بي أنا! فمع كثرة أعباء البيت وطلبات الأولاد، أحتاج إلى وقت للترويح عن نفسي، سواء داخل المنزل أو خارجه. لاحظتُ أنني حين أكون مسرورة ومتحمسة ومرتاحة فإنني أقوم بكل شيء بصدر رحب حتى لو ثقلت المهام وتكاثرت، لكن لو كنت متعبة لظرف صحي أو للحمل أو لكثرة المتطلبات بين فترة وأخرى، فإن حاجتي إلى هذا الوقت المستقطع لنفسي تصبح أكثر وأكبر. وحين أشعر بالضغط النفسي فإن هذا ينقلب عليّ وعليك وعليكم إذ ستتأثر ردود أفعالي بمشاعري. لذا، أتمنى أن تتفهم أن هذا الوقت عبارة عن "استراحة المحارب" الضرورية جداً لكي أستمر في عطائي. سواءً اخترت الخروج وحدي، أو مع صديقة لي، أو الجلوس في حديقة المنزل خارجاً، أو حتى إغلاق الباب على نفسي مدة ساعة في هدوء، فأرجو أن تساعدني بأن تهتم بالأولاد وتتفهم مقدار أهمية هذا الوقت لي. سيسرني أيضاً لو فاجأتني بترتيب فترة استراحة لي، أو أخبرتني بألا أطهو الطعام اليوم وأحضرت لنا طعاماً جاهزاً كمفاجأة منك. أتدري؟ مجرد كلمة حانية من قلبك حقاً، وعبارة مثل: "شكراً لكِ على كل ما تبذلينه من أجل أسرتنا الصغيرة" ستمحو التعب وتمنحني طاقةً للعمل لعدة أيام!

تكفي هذه النقاط الآن، وأتمنى ألا أكون قد أثقلت عليك بها. يسرني مناقشة ما ورد فيها معك بهدوء في أي وقت.

تحيتي..

زوجتك المحبة

(ملاحظة: كتبت هذه الرسالة آخذة في الاعتبار ملاحظات أسمعها وأقرؤها من الزوجات بشكل متكرر، فأوجزتها في نقاط على شكل رسالة. لو كان يصعب عليك التعبير عن نفسك أو مصارحتة زوجك ببعض ما فيها كلامياً أمراً صعباً، فأتمنى أن يساعدك هذا المقال وقراءته معه في توصيل بعض وجهات نظرك إليه، وأن يكون نقاشكما لما ورد فيه خطوةً للأمام في رحلتكما كوالدين وفي تنشئتكما لجيل جديد يتمتع بالوعي والصحة النفسية الجيدة.)



اقرئي أيضاً:

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية