التربية والتعليم

لماذا يعد اختلاف الأطفال أساسي وضروري لنموهم الصحيح؟

لماذا يعد اختلاف الأطفال أساسي وضروري لنموهم الصحيح؟
النشر : نوفمبر 06 , 2022
آخر تحديث : نوفمبر 06 , 2022
 يعمل محمد في قطاع التعليم منذ العام 2004، بدأها معلمًا في الغرفة الصفيّة للمرحلتين الأساسيّة والثانوية في مدارس القطاع الخاص والمدارس الحكومية،... المزيد

تعمل كثير من العائلات، وتحرص أن ينشأ أبناؤها ضمن نسق العائلة المتعارف عليه، بحيث يكتسب الطفل ما تحبه العائلة، وينبذ ما تكرهه، وإذا كان هذا الأمر في الأفكار والمعتقدات فإنه كذلك في بقية أمور الحياة الأخرى، فترى الأم أو الأب يصطحب الأبناء إلى الأماكن التي يفضلونها، ويتحكمون أحيانًا في الألعاب التي يشترونها لأولادهم، وحتى الهدايا التي يرغب الطفل تقديمها لأصحابه في المناسبات المختلفة لا تخلو من توجيه الأسرة للطفل في اختيارها، ويمتد الأمر ليشمل الملابس والأطعمة كذلك.

يعود هذا الأمر في أساسه إلى رغبة الأسرة في انخراط الطفل في الجو العائلي الذي اعتادوا عليه.

ثقافتنا المجتمعية بشكل عام تخاف الاختلاف وتخشاه، وتقاومه في كثير من الحالات، ولك أن تتخيل عندما رغب أحد أوائل الثانوية العامة العام الماضي دراسة الهندسة الكهربائية، لأنه يهواها وتلبي شغفه، ولم يختر دراسة الطب، فأصبح هذا الطالب مثار الاستهجان والاستغراب الذي وصل حد التنمر في كثير من التعليقات، وخشية مجتمعنا من الاختلاف متجددة، ويسوق لتبريرها كثيرًا من الشواهد التي في الغالب تكون واهية غير مقنعة، فهو يرى أن اختلاف الأطفال أحد أبواب المشكلات، أو اكتساب سلوكات سلبية والتي ربما ستؤدي إلى نشوء طالب متمرد، منخفض التحصيل الدراسي والأكاديمي.

إن استعراضًا سريعًا لمنجزات البشرية عبر العصور المختلفة، وما حققته من اختراعات يجعلنا ندرك أن الشخص المختلف هو الذي يصنع التغيير، ويحقق التقدم في مجالات الحياة الاجتماعية والثقافية والفكرية، ذلك أن الشخص المختلف يمتلك رؤية واسعة وشاملة لما يجب أن تكون عليه الأمور، ويؤمن بشكل عميق أن نهضة المجتمع ونمو أفراده لا يتحقق إلا بالتغيير، وما يثبت صحة هذا الكلام هو كمية الاختراعات التي غيرّت حياة البشرية وجعلتها أسهل.

واجب النظم التربوية إقناع الأسر أن التغيير جزء أساسي ومهم في حياة الطفل، وأنه عندما يرفض بعض الأمور السائدة في عائلته فإن هذا عناه أن طفل يتمتع بموهبة تستحق تنميتها لا ان نثبطها بحجة الخوف من التمرد على تقاليد العائلة، او خشية التنمر من أقرانه لأنه مختلف، وجاء بشيء جديد على محيطه الذي يعيش فيه، ورغم أن هذا الأمر يحتاج وقتًا إلا يستحق البدء فيه فورا، فتغيير اتجاهات أولا هو الطريق الذي سيغير المجتمع، ويحوّله إلى مجتمع يقبل التغيير ويرحب به، بل ويدعمه.

وفي الجهة المقابلة فإن على الأسرة أن تدعم اختلاف أبنائها، وألا ترفضهم، بل تهذب هذا الاختلاف وتوجهه نحو الإيجابية، فتدرك أن سنة الله تعالى في الخلق هي الاختلاف، وأن هذا الاختلاف أحد مظاهر الثراء الفكري بين الناس، وهو السبيل للتفكير بطرق إبداعية مبتكرة ما دام متفقًا مع الأخلاق الإنسانية السامية، ولا يخترق القوانين الرسمية، ولا يكون سببًا في إيذاء الآخرين ومهاجمتهم، بل هذا هو الطريق الفعلي لحياة أكثر استقرارًا وأمنًا. 

أثر الفرد المختلف لا يتوقف في مسيرة عائلته أو أسرته، بل يمتد أثره الفاعل إلى المجتمع الكبير الذي يعيش فيه، فتصبح جوانب حياته أكثر ازدهارًا، وتصبح مهارات الإقناع والحوار سائدة فيه الأمر الذي ينعكس في مهارات أفراده واستعدادهم للانخراط في التنمية العالمية.

 

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية