العناية بالذات

لماذا نماطل في وقت النوم ونحن نتصفح هواتفنا كل ليلة؟

لماذا نماطل في وقت النوم ونحن نتصفح هواتفنا كل ليلة؟
النشر : سبتمبر 09 , 2021
آخر تحديث : سبتمبر 12 , 2021
الدليل الشامل للأمهات في العالم العربي المزيد

تأخر الوقت وأنت مرهقة، بالكاد استطعت تناول العشاء والاستحمام بعد يوم عمل طويل وشاق، ربما شاهدت بضع حلقات من أحد المسلسلات، أو قرأت فصلاً من كتابك، أو قمت بروتين العناية بالبشرة الخاص بك.

أنت الآن في السرير وتعلمين أنه يجب عليك النوم لتستيقظي باكراً وتخرجي إلى العمل، لكنك تستمرين في المماطلة! هناك جزء منك يرفض الاستسلام للنوم والراحة، وكأنك لا تريدين لهذا الوقت الحر الذي حظيت به أن ينتهي، وإن كان ذلك على حساب نومك!

هذه العادة تسمى من قبل الخبراء: تأجيل وقت النوم للانتقام.

سيكون من المريح بالنسبة للكثيرين أن يعرفوا أن هذه العادة لها اسم، وأنهم ليسوا وحدهم من يمارسها، ومع انتشار هذا المصطلح على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل واسع، بدا وكأن الجميع يتنفس الصعداء مع كل "لايك" أو مشاركة تأييد.

عرَّفت الكاتبة دافني كيه لي على حسابها في موقع تويتر هذه العادة على أنها "ظاهرة يرفض فيها الأشخاص الذين لا يسيطرون على حياتهم بشكل جيد في النهار النوم مبكراً، وذلك لاستعادة الشعور بالحرية خلال ساعات الليل المتأخرة".

وقد اكتشفت سامان حيدر -طالبة علم النفس في جامعة أيوا- هذه العبارة أيضاً عندما وجدت نفسها مستيقظة في إحدى الليالي الساعة الثالثة صباحاً، فبدأت في البحث على جوجل لتصادف هذا المصطلح، وبمجرد أن قرأت التعريف، وجدت أنه يتحدث عنها تماماً، ارتاحت كثيراً لأن مشكلتها لها إسم ويشاركها فيها الكثير من الناس، لدرجة أنها شاركت مقطع فيديو على تيك توك للحديث عن هذه الفكرة، حيث حصد الفيديو ملايين الإعجابات ومئات الآلاف من التعليقات.

 

فلماذا يفعل الكثيرون هذه العادة؟

تحدثت تشيلسي ريان -أخصائية اجتماعية ومعالجة نفسية- عن خبراتها الشخصية والمهنية مع هذه الظاهرة. فتقول أنه وبعد يوم من العمل المكتبي الطويل وأمسية قضتها في رعاية أطفالها، كانت تغالب النوم مقابل أن تحظى بوقت للاسترخاء وتدليل نفسها، فتقول: "هذه هي المرة الوحيدة التي أتنفس فيها، وأشعر بأني إنسان، بأني امرأة!". لكن سهرها هذا حتى وقت متأخر من الليل خلق لديها دوامة من القلق أدت في النهاية إلى إصابتها بنوبات من الهلع.

لقد رأت هذه الظاهرة لدى مرضاها أيضاً، تقول: "الكثير ممن يزورونني لديهم أطفال، أو وظائف متعددة، أو حياة صعبة بعض الشيء، لذا فهم يختارون الأوقات التي يمكنهم فيها الاعتناء بأنفسهم بعيداً عن هذه الضغوطات، وعادة ما يكون هذا في الليل."

إذا كنا حقاً نرغب في تلبية احتياجات أنفسنا وتدليلها، لماذا لا نكرس القليل من الوقت لممارسة اليوغا أو لشرب كوب من الشاي؟ لماذا ينتهي بنا اليوم ونحن نضع وجوهنا في شاشات هواتفنا؟ 

فقد وجد المختصون أننا عندما نضع جانباً كل التكنولوجيا في نهاية اليوم، تكون هذه المرة الأولى التي نواجه فيها مشاعرنا وأفكارنا دون أي مصدر للإلهاء، فإذا كنا خائفين مما قد نواجهه أو كنا نعلم أننا سنواجه أفكاراً ومشاعر معقدةً وغير مريحة وثقيلة على أنفسنا، فسنتوجه دون وعي إلى تجنبها. فالانخراط في تقليب صفحات المواقع والتطبيقات في وقت متأخر ما هي إلا محاولة لإبعاد فيض الأفكار والعواطف الذي قد يصيبنا عندما نغلق أعيننا، أو هي محاولة لإرهاق أنفسنا لدرجة أن ننام على الفور دون الحاجة للتفكير على الإطلاق.

وتعلق تشيلسي هنا: "إننا نحاول حماية أنفسنا، لكننا ننسى أن التهرب يجعل المشاعر أقوى، مما يدخلنا في دائرة القلق في نهاية اليوم".


لماذا أصبحت هذه العادة أسوأ بكثير الآن؟

أخبرتنا د. آشلي ويليانز الباحثة وعالمة السلوك في جامعة هارفارد بأن: "الطلب على وقتنا أصبح أكثر في فترة العمل من المنزل وليس أقل". وتحدثت عن أن أيام العمل أصبحت أطول لأنه لا يوجد فاصل واضح يبين أنه يجب أن نتوقف عن العمل. وقالت: "هذا غير صحي، الانفصال العاطفي عن الوظيفة مهم جداً للشعور بالرضا الوظيفي. لكن هذا لم يعد موجوداً في بيئة العمل الافتراضية الحالية".

اليوجا وشرب الشاي ليس الحل المناسب عندما تكون لدينا حاجة في داخلنا للتواصل البشري. تقول د. آشلي: " نحن كائنات اجتماعية، توفر لنا وسائل التواصل الاجتماعي إمكانية الوصول إلى الحياة الاجتماعية التي لم تعد متوفرة خاصةً في الفترة الأخيرة. وأن قضاء فترات طويلة على هذه التطبيقات ما هو إلا رد فعل على التباعد الاجتماعي المفروض علينا". وتوافقها تشيلسي: " يعاني العديد من مرضاي أثناء الجائحة من اكتئاب الحجر الصحي لأن كل شيء بعيد ومعزول".

 

إذا،ً كيف نتوقف؟

د. لوري سانتوس مديرة مختبر الإدراك المقارن في جامعة ييل، تمتلك الإجابة التي ربما لا ترغبون بسماعها:" هناك الكثير من الأبحاث التي تظهر أن الشعور بأن لديك القليل من وقت الفراغ مهم جداً لرفاهيتك. ولكن في ذات الوقت العديد من المشاكل التي تدفعك إلى تأجيل وقت النوم للانتقام -مثل الاكتئاب أو الرغبة بالاستمتاع باليوم وغيرها- يمكن حلها بمجرد الحصول على المزيد من النوم". وتضيف: "لذلك أشعر بالقلق من أن الناس يخلقون حلقة مفرغة من خلال تدمير وقت الفراغ المتاح لهم عندما لا يحصلون على قسطٍ كافٍ من النوم".

لذلك يُوصَى  بتخصيص أوقات من الراحة خلال النهار، وينصح أيضاً بوضعها على الرزنامة وأخذها على محمل الجد. وللتخلص من عادة تصفح الهاتف قبل النوم، يجب التدرب على مواجهة أفكارنا، والتأمل  ولو لخمسة دقائق. يساعد أيضاً أن نسأل أنفسنا عن أحوالها على مدار اليوم في تجنب تدفق المشاعر السلبية خلال الليل.

 

*مصدر المقال من موقع https://www.glamour.com/

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية