قصص أمهات

حكايات أم الولاد: رحلة اختيار الحضانة المناسبة مع ADHD!

حكايات أم الولاد: رحلة اختيار الحضانة المناسبة مع ADHD!
النشر : سبتمبر 07 , 2021
آخر تحديث : سبتمبر 25 , 2023
الدليل الشامل للأمهات في العالم العربي المزيد

بقلم: مي نجم الدين، أم لتوأم


هناك مرحلة جديدة مليئة بالإثارة والحماس في حياة كل أم وهي مرحلة دخول أطفالها إلى الحضانة، فبالرغم من ثقل هذه الخطوة على الأم والطفل إلا أنه بمجرد الاستقرار على حضانة مناسبة تمر التجربة بسلاسة ويصبح لها فوائد عظيمة بالنسبة للأم والطفل معاً، خاصة إذا كان الطفل يعاني من فرط حركة وتشتت انتباه كما في حالة طفليّ مروان وسليم.

 

أطفال مجتمعين في الحضانة

 

بالنسبة لي كنت متوترة وقلقة طوال الوقت على طفليّ بعد أن أدخلتهما إلى الحضانة مضطرة كجزء من خطة العلاج السلوكي لهما، وذلك لعدة أسباب أهمها:

  • تصليح روتين النوم والأكل لديهما، وإدخال روتين يومي منظم أكثر وهذا من أهم سبل علاج طفل فرط الحركة وتشتت الانتباه.

  • تطوير مهاراتهما الاجتماعية والتعامل مع الأطفال الآخرين.

  • تحسين الانتباه لديهما عن طريق تنفيذ الأوامر والاستجابة لها.

  • التمهيد للتحصيل الدراسي والأكاديمي.

كما أنها استراحة محارب بالنسبة لي وبالفعل بدأت رحلة البحث عن حضانة مناسبة.

رحلة البحث

لا أنكر أنني مثل أمهات كثيرات كان لدي قائمة لاختيار حضانة مناسبة فيها الكثير من وسائل الترفيه والتسلية للأولاد، كنت أهتم بالمظاهر ووفقا لهذه الاختيارات السطحية وجدت حضانة أحلامي..

كانت حضانة تمتلكها مهندسة معمارية مثلي وفي نفس عمري وهي في الأساس فنانة تشكيلية وأم وصاحبة أفكار إبداعية ومبتكرة تشبه مقاطع اليوتيوب الأجنبية التي نشاهدها مع أطفالنا.

انبهرت بنظافة المكان وتعدد الأنشطة والمونتسوري والأعمال اليدوية والفنية التي تقام للأطفال يومياً -حسب وصفها لنا-، فقد كانت تقيم في ذلك اليوم فقرة لتدليل الفتيات الصغيرات وعمل باديكير ومانيكير وتسريحات شعر مبتكرة لهن بينما الأولاد يلعبون داخل غرفة الألعاب بشكل أوحى لنا أنهم سعداء! وكان استقبالها لنا حافلاً لدرجة أنني تركت أولادي وأنا أشعر أنهما في المكان المناسب.

طفل في الحضانة يلعب ويرسم

في أول اسبوع كانت ترسل لي فيديوهات رائعة للولدين وهما يتجاوبان معها في الأنشطة، لكن لم يستمر الوضع على هذا الحال حتى بدأت في الأسبوع الثاني الشكاوي تنهال يومياً على رأسي! وكانت جميعها تدور حول نفس الموضوع وتلك الجملة المكررة التي لا أملك إجابات أو حلول لها وهي: "إنهما أشقياء وكثيري الحركة ويصعب السيطرة عليهما!"

تحدثت إليها أكثر من مرة وأخبرتها أن طفليّ يتحركان كثيراً بالإضافة إلى عمرهما الصغير، وأنها تستطيع تنظيم هذه الحركة واستغلالها بألعابها وابتكاراتها التي تكلمت عنها في لقائنا الأول، وكانت دائماً تنهي الحوار بأنها ستقوم بذلك وأنها مسألة وقت ولا شك سيعتادان على نظام الحضانة.

لكني حين ذهبت إلى الحضانة مبكراً في إحدى المرات تفاجأت أنها لم تكن موجودة، وأنها كل يوم في نفس هذا الوقت تأخذ ابنها الرضيع وتذهب به إلى بيتها ثم تعود بعدها بساعتين تاركة الأطفال بمفردهم مع المربية فقط!

كنت ذاهبة لأخبرها أن هناك طفلاً يقوم بضرب مروان يومياً! وبعد أن تمكنت من مقابلتها في الحضانة أخيراً، كان ردها أن اعتذرت لي عن استقبال طفليّ مرة أخرى، مبررة ذلك بأن سلوكهما غير طبيعي وانهما قاما بخسارتها لأكثر من طفل بسبب عنفهما تجاه الأطفال وانهما غير صالحين للذهاب الى حضانة عادية!

طفل يلعب ويتعلم الأرقام في الحضانة

فتجددت رحلة البحث عن حضانة أخرى مناسبة لطفليّ..

إلا أنني استفدت من تجربتي الأولى، فبدأت أبحث عن حضانة أكثر احترافية فيها عدد كاف من العاملين، فوجدت إحدى الحضانات التي كانت بعيدة نوعاً ما عن بيتي، اشتركت في خدمة توصيل الباص وكنت أرافقهما حتى الحضانة وأساعدهما في تقبل هذه الخبرة الجديدة.

كانت الحضانة تتميز باهتمام القائمين عليها بالناحية الأكاديمية والتدريس عن طريق المناهج الدراسية القوية والنشاطات المختلفة التي كانت مكلفة جداً بالنسبة لنا إلى جانب رسوم الحضانة الشهرية، ومجدداً بدأت الشكاوي بعد شهرين من حركة طفليّ وشقاوتهما، وفي الشهر الثالث قررت عدم الاستمرار معهم.

ما أثار اهتمامي حقاً حينها هي فكرة والدتي في  إلحاقهما بحضانة عمي وزوجته التي كانت بالنسبة لي حضانة مثالية، فهي تقع في إحدى الأحياء الراقية بالإضافة إلى اتباعها لمنهج تعليمي محترم وأنشطة فعالة، كما أن وجود عمي وزوجته لإدارتها سهل علي الكثير.

طفل يلعب ألعاب حسية في الحضانة

أيضاً كانت الحضانة تتميز بإمكانية تدريب الأطفال على استخدام الحمام "Potty Training" بشكل محترف وفي فترة زمنية قصيرة، وكان عيبها الوحيد أنها بعيدة جداً عن البيت (ساعة ذهاباً وساعة إياباً)، وبعد ثلاثة أشهر مثالية في حضانة الأحلام اضطررنا إلى العودة مرة أخرى لإلحاقهما بحضانة قريبة.

ولكن هذه المرة فكرت في فصلهما عن بعضهما حتى لا تحدث أي مشاكل كما في كل مرة، فألحقنا مروان بحضانة لطيفة وبسيطة أما سليم فكانت شخصيته أصعب بعض الشيء، وكان الأكثر إصراراً على الامتناع عن الكلام، فألحقته بحضانة فيها أخصائية تخاطب وسلوك، لكنها للأسف كانت التجربة الأسوأ على الإطلاق!

فبالرغم من أن سليم قد تقدم أكاديمياً بشكل ملحوظ مقارنة بأخيه، إلا أنه تأخر أكثر من السابق من نواح أخرى عديدة. وصدمتني مسؤولة المكان أن الحضانة ستتحول بأكملها لاستقبال حالات خاصة ابتداءً من فرط الحركة وحتى أطفال التوحد ومتلازمة داون، حينها كنت مشتته لا أستطيع اختيار الأفضل لسليم، ومن ناحية أخرى كانت حضانة مروان متشددين ناحية استقبال توأمه لتخوفهم من مشاكل وجود الطفلين معا.

أطفال ذاهبون إلى الحضانة

أنقذني من هذا التشتت طبيبة التخاطب الجديدة التي ذهبنا إليها والتي طلبت مني على الفور سحب سليم من حضانته ووضعه في مكان عادي فيه أطفال طبيعيين واعلى من قدراته لان سليم يشبه الاسفنجة فهو يمتص عاداته من البيئة المحيطة ولن يتقدم إلا بوضعه في وسط أطفال طبيعيين.

وقالت لي كلاماً لا أنساه أن الاثنين يعانيان من فرط حركة وتشتت انتباه ولكن أحدهما وهو التوأم المسؤول الذي يحركه ذكاؤه ويجعله دائماً يسعى للتحسن بمفرده، أما الآخر فهو التوأم الاعتمادي الذي يحتاج دائما للمساعدة الخارجية حتى لو تطلب ان يأخذ المعلومة في ملعقة، ووضعه في الحضانة الخاصة سيجعله ينتكس وهذا ما حدث بالفعل لسليم!

عندها تعاطفت معي صاحبة حضانة مروان ووافقت على إدراج سليم مع أخيه، وبالفعل أخيراً استقرينا على هذه الحضانة ورغم حدوث بعض المشاكل من وقت إلى آخر إلا انني بعد سلسلة من التجارب اقتنعت أنها أكثر حضانة مناسبة لطفلي لأكثر من سبب: أولهما قربها من البيت فقد كنا نسمع أصواتهما من شباك البيت!

أطفال صغار مجتمعين داخل الحضانة

والسبب المهم الثاني هو وجود مربية طيبة وحنونة على الأولاد لدرجة أنهما كانا يعتبرانها جدتهما في الحضانة -فأي طفل مهما كان سلوكه مفتاحه الحنان والطيبة- والسبب الثالث هو أمانة صاحبة المكان وحرصها على كل الأطفال بدون صخب أو مظاهر كاذبة، وهو أكثر ما تعلمته من هذه الرحلة وهذا ما جعلنا نعود لأول مركز للتخاطب وأول أخصائي قام بتشخيصهما بعد ثلاث سنوات جربنا خلالها جلسات متنوعة في ستة مراكز وثلاث عيادات لأطباء متمرسين.

واستمر مروان وسليم في الحضانة طوال الأسبوع إلى جانب جلسات تخاطب وتنمية مهارات (ثلاث جلسات أسبوعية) لمدة سنة ونصف بشكل متواصل، ولكن هل كان هذا كافيا؟!

كانت هناك كلمة سر أخرى جعلت التقدم ملموساً بشكل واضح.. سأشاركها معكم لاحقاً!

-يتبع-

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية