صحة الأطفال الرضع

ظننت أن طفلي مصاب بنزلة برد بسيطة ولكن فحص الطبيب كان مفاجىء

ظننت أن طفلي مصاب بنزلة برد بسيطة ولكن فحص الطبيب كان مفاجىء
النشر : يناير 19 , 2021
آخر تحديث : يونيو 06 , 2022
أم لطفلين، هما الامتداد المُشرق بين قلبي والحياة.أبحثُ عن المعنى، عن القيمة في كل شيء. درستُ الصحافة بكلية الإعلام والاتصال بجامعة الملك عبدالعزيز... المزيد

 

 

تحرير: سارة يوسف

 

يوم مشرق جديد، استيقظت كعادتي في العاشرة صباحاً ونور الشمس يبهج المكان، تفقدتُ صغيريّ اللذان لا زالا يغطان في نوم عميق؛ هممت بإيقاظهما إلا أني تراجعت لأني أعرف مسبقاً كيف سيكون إعداد الإفطار مربكاً بوجودهما.

أنهيت إعداد الإفطار سريعاً، ومن ثم أيقظتهما في جو من المرح، وضحكاتهما تملأ البيت.

تناولنا الطعام سوية، كان صغيري ذو العشرة أشهر لا يزال يتناول الطعام المهروس، ووجدت أن تقديم طبق صغير من الفول المهروس، مزيناً بزيت الزيتون، مع الخبز الطازج قد صار ملائماً لعمره؛ وسررت حين تقبل طعمه، ولم يعرض تناوله لاسيما حين رأى أخته ذات الأربع سنوات تشجعه على ذلك.

أنهيت إطعام صغيريّ اللذان اتجها للعب فور انتهائهما من الإفطار؛ فالوقت لا يزال باكراً؛ وأمامهما الكثير من المرح؛ والألعاب المسلية.

مضى اليوم هادئاً؛ أنهيت فيه الكثير من شؤوني، دون إزعاج أو مقاطعة من طفليّ، لاحظت أنهما لم يتشاجرا كعادتهما؛ وحين أذهب لألقي نظرة اطمئنان؛ أرى ولدي قد استلقى دون رغبة في اللعب أو الحركة كعادته؛ فقط ابتسامته الصغيرة تخبرني ظاهرياً أنه بخير.

خلال المساء لم يطلب المزيد من الكعك، ولم يحفل ببسكوته المفضل؛ يبدو أن شهيته للطعام قد قلّت؛ وتأكدت من ذلك حين رفض وجبة العشاء ولم يتناول منها شيئا؛ واكتفى برضعة صغيرة قبل النوم.

في اليوم التالي حين استيقظ كان شاحب الوجه منهكاً، كمن بذل مجهوداً كبيراً، مع ارتفاع طفيف في درجة حرارته، خطر في ذهني أنها ربما أعراض مبكرة لنزلة برد أصابته، مع قرب حلول الشتاء، وربما لو قدمت له بعض عصير البرتقال سيتحسن، لكني فوجئت برفضه للعصير؛ ووجبة الشوفان بالتمر المهروس كذلك، الأمر الذي أقلقني، وعزمت على أخذه للطبيب.

حين عاد والده من عمله قبيل العصر فوجئ بشحوبه واصفراره الذي قد زاد عما كان عليه صباح ذلك اليوم، ولم ألحظ زيادته، وعلى وجه السرعة ذهبنا لأقرب مستشفى، وهناك قلق الطبيب عليه أيضاً.

أمر بإجراء تحليل لصورة الدم؛ ليعرف سبب الاصفرار، وأن نعود إليه خلال ساعتين تقريباً، قضيناها في قلق وتوجس، ونحن ندعو الله أن يسلمه من كل مكروه.

بعد استلام النتيجة التي كانت تظهر نزول حاد في مستوى الهيموجلوبين وصل خلالها 3,5 أخبرنا الطبيب بضرورة أخذه لمستشفى أكبر إذ أن التشخيص المبدئي تكسر في خلايا الدم الحمراء بعد تناوله للفول، نتيجة اصابته بمرض أنيميا الفول الوراثي.

توجهنا لمستشفى آخر، الذي طلب إعادة التحليل وفوجئنا بنتيجته التي تؤكد التشخيص المبدئي؛ ونزول مستوى الهيموجلوبين إلى 2,7.

أخبرتنا الطبيبة المتابعة لحالته بضرورة تنويمه في المستشفى فوراً، ونقل دم له، مع إعطاء دواء وريدي أولاً لإيقاف تكسر الدم لديه، وبشكل عاجل.

سألتني حينها عن ملاحظاتي عليه عدا الاصفرار والشحوب، والعزوف عن الطعام وفقد الشهية، أخبرتها عن [لون البول] الذي يميل للون الوردي، ولم أجد تفسيرا له وقتها. الأمر الذي ظننته عارضاً، إلا أنها أكدت لي أن ذلك أحد مؤشرات تكسر خلايا الدم.

مع بزوغ الفجر التالي تلقى أول جرعة من نقل الدم له، أعادت له بفضل الله تعالى شيئاً - وإن كان بسيطاً- من حيويته بعد ذبوله، وخف اصفراره وشحوبه تدريجيا، وعاد لقلبي وقلب أبيه شيئا من طمأنينة فقدناها منذ ما حل به.

مكثنا في المستشفى بضعة أيام لاستكمال خطة العلاج، ومراقبة تحسن الدم، وعودته للوضع الطبيعي، مضت بين ترقب وأمل، ووخزات الإبر.

قبل أن نغادر المستشفى أكدت الطبيبة بوجوب التزام حمية غذائية تمنع البقوليات والمكسرات، وأدوية معينة لا تلائم مرضى أنيميا الفول(g6pd)، مع مراجعة دورية لإعادة تحاليل الدم، ومراقبة مستوى الإنزيم لديه.

كانت أعراض ظننتها طفيفة عارضة، ومجرد نزلة برد بسيطة، ولم أدرك حينها أن حياة صغيري في خطر متسارع، ووضعه لا يحتمل الانتظار بين مستشفى وآخر، إلا حين وصلنا قبل فوات الأوان بلحظات..

عدنا إلى البيت مبتهجين بسلامة صغيرنا ولله الحمد، وعادت ضحكات صغيريّ تملأ المكان، بعد تجربة صعبة، وأيام مقلقة عشناها، علمتني أن لطف الله واسع، ورحمته لا تُحد.

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية