قصص أمهات

كوني الأم المعطاء، ولكن احتفظي بذاتك

كوني الأم المعطاء، ولكن احتفظي بذاتك
النشر : نوفمبر 04 , 2020
آخر تحديث : أغسطس 10 , 2021
آية صرصور، أم لطفلتين٬ فلسطينية٬ كاتبة محتوى باللغة العربية ومترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية وبالعكس٬ كما أنها خبيرة في التسويق... المزيد

بدأ الناس من حولي بمناداتي أم فايا منذ اليوم الأول لولادة طفلتي، أصبحت الأم التي يحرص من حولها دائماً على تذكيرها بدور الأمومة، وكأنها من الممكن أن تنسى ذلك! 

 

إن حبي لابنتي ولشعور الأمومة لا يمكن وصفه، ولكنني أحرص منذ أن أصبحت أماً، أن يكون لدي حياة منفصلة وبعيدة عن كوني أم فايا، وأن أقدم لطفلتي كل ما تحتاجه ضمن قدراتي وإمكانياتي، وأن أقوم بتربيتها بطريقة مستقلة، وأن تعتاد على أنني أم عاملة، وأن لدي الحق بقضاء الوقت الخاص بي في العمل أو حتى في المنزل. 

 

نصادف في حياتنا الكثير من قصص التضحية والعطاء اللامحدود من الوالدين والذي يقابله النكران من أطفالهم، ولاحظت عندما دخلت عالم الأمومة، أن هناك معايير وتوقعات علينا نحن الأمهات اتباعها وكتيب يوضح لنا ما هي الأمومة، ففي كل مرة أنوي فيها شراء شيء جديد يخصني، أجد من يقول لي، الآن يجب أن تقومي بشراء احتياجات طفلتك، فهي الأهم.

 

إن هذه المعايير والمتطلبات التي علينا إثباتها للجميع كي نبدو أمهات أفضل، جعلت الكثيرات منا يشعرن أنهن فقط أمهات، أي أنها بدون أطفالها لا هوية لها ولا كيان، فهي تصبح أم فلان، حتى أن اسمها يبدأ بالتلاشي والاختفاء، حتى أظن أن الكثيرات قد لا يجبن إذا نودبن بأسمائهن الأولى قبل الأمومة. 

 

إن العطاء من الأم يجب أن لا يكون محدوداً، فحب الأم لا يقدر، ولكنه في ذات الوقت يجب أن يكون مدروساً، بمعنى، أن الأم التي تجعل أطفالها يعتمدون عليها اعتماداً كاملاً، ستنشئ أفراداً اتكاليين، يعتقدون أن الحياة ستقدمُ لهم كل شيء على طبق من ذهب، لذلك نجد أن الكثير من الرجال المتزوجين حديثاً يتصادمون مع زوجاتهم في الكثير من شؤون الحياة، وخاصة في أداء المهام المنزلية، فهو قد اعتاد أن يتم تقديم كل شيء له دون تعب أو حتى سؤال، فترى الأم تراعي شؤون أبنائها دون أي جهد من ناحيتهم، فتضع لهم الطعام على الطاولة، وتقوم بتنظيف غرفهم و شراء أغراضهم. 

 

كثيراتٌ هن الأمهات اللاتي يبالغن في تدليل أبنائهن، فمنهن من لا تسمح لأبنائها بالوقوع أو التعرض للصدمات العاطفية من الأصدقاء في حياتهم، فتراها تخوض عنهم معاركهم، وتدير لهم مصاريفهم وحياتهم، ظناً منها أنها تقدم لهم ما يلزم من الرعاية والاهتمام، وأن دورها كأم يعني أن تقدم لأطفالها كل ما يرغبون به بدون حدود. 

 

وبذلك تترجم الأم العطاء بالحرص الزائد والدلال المبالغ به، وهنا تذوب المرأة في شخصية الأم، التي لا تجد بعد أن يطير الصغار من العش حياة أخرى أو دوراً جديداً تقوم به! 

 

لذلك عليكِ عزيزتي أن تجهزي أطفالك للانفصال عنكِ في الوقت المناسب، ويجب أن تقومي بتحضيرهم وتحضير نفسك لحياة منفصلة، تصبحين فيها الأم والصديقة والسند ولكن دون الاتكال الكامل عليكِ. 

 

ولا يجب أن تكوني أماً عاملة لتحقيق هذا التوازن في حياتك، حيث يمكنك أن تنظمي وقتك ووقت العائلة وفقاً لما يلائم احتياجاتك ووقتك الشخصي، واحرصي على وجود هواية أو عمل لك أنتِ، ولو كان تطوعياً، تحملين فيه اسمك فقط بدون أم فلان. 

 

أحبي أطفالك واحتضنيهم بقوة كل العالم، ولكن بالقدر الكافي لتركهم ينطلقون في طريقهم، واجعلي حياتك متوازنة بين نفسك وعائلتك، وتذكري أن الأمومة من أجمل المشاعر وأصدقها، ولكن احذري عزيزتي أن لا تضيعي في غمرة الأمومة فتفقدي هويتك الأولى. 

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية