العلاقات

معاناة الأمهات في الغربة: كيف ندعمهن؟

معاناة الأمهات في الغربة: كيف ندعمهن؟
النشر : نوفمبر 04 , 2020
آخر تحديث : مايو 29 , 2022
أتمت حنان الماجستير من الجامعة الأردنية عام ٢٠٠٥، حيث كان موضوع رسالتها التي أعدتها لنيل الماجستير يتناول التعلق لدى المراهقين وعلاقته بتقدير... المزيد

إن الغربة عن الوطن والأهل والأصدقاء ليست أمراً سهلاً. في كثير من الأحيان، يكون الحِمل مضاعفاً حتى وإن كانت الحياة الزوجية سعيدة والأوضاع المادية بخير.

الأمور في الغربة مختلفة: الثقافة مختلفة، والأصدقاء يرحلون ويتغيرون، أو ترحل الأسرة نفسها من مكان إلى مكان، ولحظات الارتياح مع الأهل رهينة القدرة على السفر، والخوف على الأبناء مضاعف.

وحتى لو فكرت إحدى الأمهات المغتربات بطلب المساعدة من صديقة مقربة جداً، تجد نفسها لا تستطيع القيام بمثل هذا الطلب نظراً لتفكيرها بتلك الصديقة وأنها لابد تعاني مما تعاني هي منه.

ولهذا، تحتفظ بتعبها وإرهاقها وشوقها، وربما تفضفض في أوراق مفكراتها عن شعورها بالتعب، أو على صفحة من صفحات الفيسبوك للمغتربات.

ولكن يبقى هذا الشعور الذي تشعر به عصياً على الفهم لدى من لم يجرب معنى الاغتراب.


فكيف ندعم الأمهات من أخوات أو صديقات في الغربة، سواء كنا في البلد نفسها أو في بلد آخر؟

  • المفاجآت الصغيرة: لا تعلمون معنى الأثر الذي تتركه بطاقة أو باقة ورد أو أي هدية بسيطة في الغربة مهما كانت قيمتها، المهم أن هناك من تذكر تلك السيدة في غربتها وقرر أن يفاجئها.

أقوم بذلك بنفسي أحياناً لصديقاتٍ عبر القارات، وأجد أن أثر ذلك كبير، ومن المفاجآت التي تفرح بها الأمهات في الغربة تلك الني تكون من "ريحة البلاد": بهاراتها المميزة، الجميد الأردني، الجبن الرومي المصري، زيت الزيتون الفلسطيني، البخور الخليجي... إلخ. هذه الأشياء النادرة الثمينة التي تصبح أثمن في الغربة.

  • المساعدة: لا يكفي عرض المساعدة إذ إن الشائع هو ردّها بلطف نظراً لأن الأم تشعر بالذنب من قبولها ممن هي مثلها، لكن الأفضل القيام بذلك حقاً بصيغة "سأفعل ذلك وانتهى الأمر!"، 

أخبري الأم بأنك ستخصصين لها يوماً لمساعدتها أو لمجالسة أطفالها بينما هي تجلس ساعة أو اثنتين في هدوء، ودعي لها حرية اختيار ذلك اليوم والوقت، ولا تقبلي بالرفض أبداً!

حتى لو استغربت الأمر فإنها بحاجة إليه، ولا بد أنها ستشكرك وتشعر بالامتنان لاحقاً لذلك.

  • الاتصال الدوري: في بعض الأحيان تلهينا مشاغل الحياة عن أحبابنا، لذا لا بأس من تخصيص وقت محدد نتحدث فيه مع أحبابنا البعيدين.

يمكن البدء بإرسال رسالة للتأكد من ملاءمة الوقت والتوقيت، ثم طلب المحادثة وقضاء وقتٍ في التواصل وتبادل الأخبار.

أعلم أن بعضنا يفعل ذلك بالفعل، لكن مع طول مدة الاغتراب تخفّ تلك الاتصالات شيئاً فشيئاً. فلا تدعوا الأيام تلهيكم عن أحبابكم البعيدين.

  • الاستماع للمشاعر: يمكنك تشجيع الأم المغتربة على الفضفضة قليلاً عما في داخلها لو أرادت ذلك. في بعض الأحيان تكون الضغوط مضاعفة، وقد تظهر في بوستات الشكوى على الفيسبوك، أو في نبرة الصوت، أو في التأفف غير المعتاد.

لذا، فإن التشجيع على الحديث وتقبل المشاعر والاستماع إليها مهما كانت أمر مهم، مع عدم محاولة إصلاح الأمور بقدر ما نحاول مساعدتها على التفريغ. بعد ذلك، يمكنك سؤال الأم عما يمكنك تقديمه لها من دعم في حل تلك الأمور.

  • تذكر المناسبات الخاصة: سواءً الأعياد، أو الولادة، أو حتى الوفاة، كلها أحداثٌ تتضارب فيها المشاعر في الغربة بين فرح وحزن وألم ووحشة.

لذا في هذه الأوقات بالذات تحتاج الأم في الغربة إلى دفقة اهتمام وحب مضاعفة. وإن كان بالإمكان، فلا بأس من شراء هدية عن بعد.

حين أنجبت ابنتي، كانت أفضل الهدايا تلك التي سعى أصحابها لإرسالها لنا حتى وهم في بلادٍ بعيدة عبر موقع أمازون، وما نزال نقدر لهم تذكرهم إيانا بتلك المشاركة التي ما زلنا سعداء بها إلى اليوم.

  • التواجد الحقيقي في أوقات الزيارات: إن السفر لرؤية الأهل والأصدقاء عناءٌ كبير خصوصاً في ظل وجود الأطفال، وهو مكلف مادياً ويستغرق تحضيراً كبيراً من تخطيط لمواعيد السفر وتوقيته وتجهيز الهدايا وغير ذلك من أمور.

وليس أصعب على الأم المغتربة من العودة لتجد الكل منشغلاً عنها وغير مقدرٍ لجهدها. لذا، فمن المهم تخصيص الأيام الأولى على الأقل للتواجد معها ومع أسرتها، وتأجيل أي التزامات تتعلق بالعمل أو غيره إلى وقت آخر.
 

عند الانتهاء من قراءة هذا المقال، أرجو منك التواصل مع أول أم مغتربة خطرت ببالك، والحديث معها وإخبارها أنها ببالك حتى لو فرقتكم الأيام والمسافات، وتحدثا عن بعض ذكرياتكما معاً وجمالها.. كلماتٌ بسيطة، لكن أثرها أعمق بكثير من بساطتها!

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية