العناية بالذات

حين تجدين نفسكِ تقولين: "أنا أم سيئة"

حين تجدين نفسكِ تقولين: أنا أم سيئة
النشر : مارس 29 , 2020
آخر تحديث : أغسطس 02 , 2022
أتمت حنان الماجستير من الجامعة الأردنية عام ٢٠٠٥، حيث كان موضوع رسالتها التي أعدتها لنيل الماجستير يتناول التعلق لدى المراهقين وعلاقته بتقدير... المزيد

لا توجد أم لم تقل لنفسها هذه العبارة. هنالك مواقف قد تفقدين فيها أعصابك لكثرة الضغوط حولكِ، فتجدين نفسكِ تصرخين في وجه صغيركِ، ثم تتضايقين من نفسكِ وتقولين: "كيف صرخت هكذا دون أن يذنب؟ أنا أم سيئة!" ربما تأخرتِ لسببٍ ما عن المنزل وعن صغيركِ لعملٍ أو لالتزام اجتماعي طارئ، فتوبخين نفسكِ: "كيف حدث هذا؟ يا لي من أم مهملة!" أو ربما تكونين مرهقة لكثرة أعمال المنزل وتجدين نفسك غير قادرة على الانتباه إلى احتياجات طفلك الذي ظل يطالبك بصنع كعكته المفضلة خلال الربع ساعة الأخيرة، فتقولين له في نهاية الأمر: "لا وانتهى الأمر، واغرب عن وجهي"، ثم تشعرين بالذنب مرة أخرى، وتتساءلين أين ذهب كل ما قرأتِه عن تربية الطفل وأن عليكِ أن تشرحي الأمر له وتخبريه بموعد لاحق لتنفيذ طلبه.

سأعترف: وأنا أيضاً رغم كل قراءاتي وتخصصي في علم النفس أجد نفسي أحياناً في مواقف كهذه، لذا لا تقلقي؛ لستِ وحدكِ!

لا بأس إن شعرنا ببعض الضغط النفسي بين فترة وأخرى، لكن مؤشر الخطر يكمن في أمرين: تكرار الضغط بشكل مستمر ويومي، وأن يكون انفجارك في وجه طفلك أمراً مستمراً يكسر ثقته فيكِ وشعوره بالأمان. لذا إن وجدتِ نفسكِ عالقة في دوامة مستمرة من الضغط والغضب، فمن الضروري أن تقفي وقفة مع نفسكِ وتفكري في الأسباب أولاً قبل التفكير في الحلول.

وفيما يلي بعض النقاط التي يمكن أن تساعدكِ في التفكير في أسبابك الخاصة، وفي تدبر المواقف الضاغطة:

  • ما الذي نشأتِ عليه؟ كثيراً ما نتناسى البيئة التي تربينا فيها ومقدار تأثيرها في طريقة تربيتنا الحالية لأبنائنا.

    لذا من المهم أن تجلسي مع نفسكِ وتفكري: كيف نشأت؟ كيف كانا أمي أو أبي يعاملانني؟ من منهما كان المفضل لدي ولماذا؟ ما المواقف التي كانت تسعدني؟ ما المواقف التي كانت تضايقني؟ هل أكرر أخطاء أهلي مع طفلي أم أحاول تجنبها؟ هل عليَّ أن أبحث أكثر حول طرق التربية التي تساعدني في تنشئة طفلي؟ هل أشعر بأن طفلي سعيد أم حزين بسببي معظم وقته؟ كيف يمكنني أن أتغلب على صعوباتي الخاصة في التربية؟ هل أحتاج إلى استشارة أخصائي في التربية أو الإرشاد النفسي لأخذ بعض النصائح؟
     
  • لا تنتظري لحظات الانفجار:

    كل واحدة منا أدرى بطاقاتها وقدراتها على التحمل، لذا، حاولي استباق شعورك الكبير بالضغط بأن تراقبي نفسكِ لفترة معينة، على مدار أسبوع أو شهر مثلاً، واكتبي: كم ساعة أو دقيقة يمكنني العمل في المنزل بشكل متواصل قبل أن أبدأ بالشعور بالتعب؟ متى أكون في قمة نشاطي ويمكنني أن أنجز الكثير بحيث أضع المهام الأصعب في ذلك الوقت؟ كم دقيقة من التفاعل مع الأولاد تمر قبل أن يبدأ صبري بالنفاد؟! هل هنالك عوامل أخرى تضايقني؟ ما هي؟ اكتبي كل ذلك ثم خصصي لنفسكِ فترات معينة للتعامل مع هذه الأمور. فإن كنتِ تتعبين بعد العمل ساعة وربع مثلاًـ، خذي استراحة بعد الساعة الأولى من العمل، بحيث فقط تجلسين مع نفسكِ من دون مشتتات ولا إلكترونيات ولا اتصالات. فقط بعض الهدوء وفنجان قهوة أو كوب عصير. وكذلك بالنسبة إلى الوقت مع الأولاد: حددي كم تتحملين، وفكري بماذا يمكنكِ أن تشغليهم بنشاط ورقي أو بلعبة ما إلى أن تأخذي استراحةَ لربع ساعة. إن كانت هنالك عوامل ضاغطة أخرى كأشخاص آخرين أو كثرة أعمال المطبخ، ففكري فيها وفي حلولها التي تتناسب مع روتينك اليومي بحيث يقل تأثيرها عليكِ.
     
  • الحركة بركة!

    لن أتحدث هنا عن الرياضة، رغم أن ممارستها لنصف ساعة يومياً فقط مفيد جداً ويحسن من المزاج بشكل كبير، إلا أنني سأتحدث عن الحركة حين تجدين أنكِ على وشك أن تقولي لطفلكِ أو تفعلي شيئاً قد تندمين عليه. أخبري طفلك أولاً أنكِ بحاجة إلى وقت للحركة ثم قومي بأي نشاط بسيط: تمشي في الحديقة أو الشرفة، أو في غرفة أخرى، أو اذهبي لشرب بعض الماء، أو قومي ببعض تمارين الإحماء، أو اجلسي وخذي أنفاساً عميقة من أنفكِ وأخرجيها من فمكِ ببطء. هذه الأمور رغم أنها تبدو بسيطة وربما يستهين بها الكثير، إلا أنها مفيدة جداً في التقليل من التوتر الجسمي وبالتالي توتر المشاعر. إن الجسم والعقل والمشاعر ترتبط ببعضها بعضاً؛ فأفكارك ومشاعرك وأحاسيسك الجسمية كلها يؤثر ببعضه بعضاً، وتهدئة أحدها سيساعد في تهدئة البقية.
     
  • الاعتذار:

    في حال وقوع الضرر بالفعل (بالصراخ على طفلك مثلاً وربما ضربه)، من الضروري أن تعتذري من طفلك بصدق وتتأسفي له. هذا سيساعد في أمرين: إعادة بعض الثقة بينكما، وتعليمه الاعتذار عند الخطأ بالقدوة. أؤكد مرة أخرى على أن هذا ينطبق بشكل أفضل في الحالات التي يكون فيها غضبكِ نادراً، أما إن كان مستمراً فإن اعتذارك قد يصبح بلا معنى إن كنتِ ستصرخين عليه بعد 5 دقائق. لذا، من الضروري في أحوال كهذه أن تعيدي التفكير في السبب الحقيقي لغضبك: هل هو طفلك حقاً؟ أم أمور تتعلق بزواجكِ؟ أم مشكلات مادية؟ أم مشكلات أخرى تحتاجين فيها إلى المساعدة؟
     
  • وقتكِ الخاص:

    من الضروري أن تخصصي لنفسكِ وقتاً يومياً وأسبوعياً لتروحي فيه عن نفسكِ. في هذا الشأن، تختلف التفضيلات الشخصية من شخص لآخر: هنالك من تحب الخروج مع صديقاتها، بينما وقت الترويح لدى أخرى يكون بين يدي كتاب، أو ربما يكون بإعداد طبق من الحلوى، أو الجلوس في هدوء دون أي ضجيج لمدة ربع ساعة، أو حتى مجرد التحدث مع صديقة أو مع الزوج لنصف ساعة في أمورٍ تهمُّ المرأة، أو اللعب مع طفلكِ كما يحب لربع ساعة، أو ممارسة هواية قديمة أو جديدة تحبيها. حددي ما تحبين وخصصي لذلك وقتاً مهما كان الأمر.
     
  • تذكري النعم:

    قد تبدو الذكريات أمراً بسيطاً، لكنها فعلاً مريحة جداً. هل تذكرين ولادة طفلك الأول؟ كيف كان شعورك حينها؟ هل تذكرين ضحكته الجميلة وعمره أقل من سنة؟ ماذا عن المرة الأولى التي قال لكِ فيها "ماما"؟ كيف كانت لحظاته الأولى عندما تناول الطعام لأول مرة؟ ما أجمل عبارة قالها طفلكِ دون أن تتوقعي منه شيئاً؟ كل هذه اللحظات الصغيرة لحظات جميلة، ومن المفيد استدعاؤها للذاكرة عند الحاجة.

 

أتمنى أن تجدي في هذه النقاط فائدة لكِ وأن تساعدكِ في التعامل مع مشاعركِ. نقطة أخيرة مهمة: إن كان وضعك صعباً حقاً، فلا تخجلي من طلب المساعدة المتخصصة في حال شعرتِ أن الغضب يسيطر عليكِ بشكل زائد؛ هنالك دورات مخصصة لإدارة الغضب، وأخرى للذكاء الانفعالي (أو الذكاء العاطفي)، وغير ذلك من الدورات التي يمكنك من خلالها تطوير وعيكِ بنفسكِ والتحكم بذاتك بشكل أكبر. وإذا شعرتِ بأنكِ بحاجة إلى قدر أكبر من المساعدة، فيمكنك اللجوء إلى مختص بالإرشاد النفسي أو العلاج النفسي ليساعدك بشكل أكبر.

 

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية