قصص أمهات

ولدي الذي لم أتوقعه

ولدي الذي لم أتوقعه
النشر : يونيو 08 , 2020
آخر تحديث : سبتمبر 25 , 2023

بقلم: فاطمة كريِّم، أم لطفل وصاحبة مدونة @hasandownlove

معظم الفتيات عندما يتزوجن، يكون أول ما يحلمن به هو الحمل والإنجاب وتكوين عائلة، وأنا مثلهن إلا أن حلمي بقي يراودني لمدة ١٣ عاماً من زواجي! حتى أنعم الله علينا أخيراً وحملت بطفلي الأول..

كانت فرحة الحمل بعد هذه المدة الطويلة لا توصف، وكغيري من الأمهات حلمت كثيراً بطفلي وتخيلت شكله وملامحه.. طفل جميل يملأ حياتي أنا ووالده بهجة وحباً وسعادة، انتظرته بشوق شديد فقط لأرى وجهه الصغير يداعب روحي ويواسيها جزاء صبرها وانتظارها، وفي عينيه كنت أرى مستقبلنا الجميل الذي لطالما تمنيته.. نحن وهو معاً.. نربيه ونكبره كأي أبوين عاديين.

لكن بعد ولادة طفلي حسن تغير كل شيء، لقد ولد حسن بزيادة كروموسوم واحد عنا، ولد مصاباً بمتلازمة داون.

في البداية خبأ الجميع الخبر عني خوفاً علي من الصدمة، خاصة وأنه خلال فترة الحمل لم تُظهر جميع الصور والفحوصات التي قمت بها إصابة طفلي بأي شي!

وبعدما علمت بحالة حسن كان أمراً صادماً بالنسبة لي! تبددت على إثره كل الأحلام التي رسمتها في مخيلتي لتسعة أشهر، ودخلت عالماً جديداً لم أكن أعلم عنه شيئاً ولا كيف سأعيشه! واقعاً غريباً وموحشاً! فانتابتني مشاعر ممزوجة بالخوف والضياع والرفض..

إلا أني سرعان ما استجمعت قواي وهيأت نفسي لتقبل الأمر، فلا شيء يحدث إلا لسبب! وبما أنه من الشائع عن أطفال متلازمة داون أنهم لطيفون ومحبون، فكان لا بد لي أن أستقبل طفلي بقلب كبير محب مثله تماماً! نعم طفلي كان مختلفاً وأنا أحببت اختلافه وعزمت أن أرسم له مستقبلاً جميلاً كأي طفلٍ آخر..

بدأت أقرأ وأثقف نفسي عن حالة طفلي، فالشيء الوحيد الذي كنت أعلمه أنه من الممكن مساعدة الأطفال في مثل حالته عن طريق التدخل المبكر، فبدأنا أنا وزوجي رحلة العلاج مع حسن في مراكز التدخل من نطق وعلاجات حسي حركي وحسي نفسي وكل ما كان يحتاج إليه.

وما زلت إلى الآن أذكر جيداً فرحتي عندما خطى أولى خطواته وهو بعمر السنتين والنصف، لقد كانت فرحتي دائماً مضاعفة مقارنة بباقي الأمهات في كل شيء جديد يقوم به أو يتعلمه.

لا يمكنني أن أعبر بالكلمات عن حجم السعادة والفرح والضحكات التي يزرعها حسن أينما كان، لقد علمني الصبر وبأن لا شيء يستحيل مع الإرادة، وبأننا إذا آمنا بقدرات هؤلاء الأطفال فسوف يدهشوننا بعطائهم وقدرتهم على عيش حياة طبيعية مثل باقي أفراد المجتمع.

الأمر ليس دائماً سهلاً وتربية طفل باحتياجات خاصة يتطلب الكثير من الجهد والصبر، لكن عندما تلمسون نتائج تعبكم وصبركم سيتحول هذا التعب كله إلى فرح وإلى قوة لتستمروا أكثر وأكثر. صدقوني إن هؤلاء الأطفال هم من يمنحوننا القوة ويسهلون علينا المهمة.. مهمة العطاء الجميل

نصيحتي لكل عائلة لديها طفل من ذوي متلازمة داون أن عاملوا أطفالكم بشكل طبيعي جداً مثل بقية الأطفال فهم أذكياء وحساسون ولديهم من الطيبة ما لا يملكه أحد، وتذكروا بأن طفلكم يملك هذا الكروموسوم الزائد الذي يحمل كل الصفات الإنسانية الجيدة وأننا نحن من لا نملك هذه الصفات.

طفلكم نعمة وهبة من الله ورحمة خصكم بها، واعلموا أن المجتمع هو مرآة للعائلة، فإذا عاملتم ابنكم او ابنتكم بشكل لائق وتقبلتموه فالمجتمع سيعامله بالمثل والعكس صحيح، ونحن باستطاعتنا أن نغير نظرة المجتمع لهؤلاء الأطفال من خلال تعاملنا معهم وتقديهم للمجتمع وإبقائهم دائماً بجو دمج طبيعي مع بقية الأطفال.



اقرئي أيضاً:

 

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية