قصص أمهات

تغربت مع زوجي ثم أصبحت وحيدة مع طفلي في الغربة

تغربت مع زوجي ثم أصبحت وحيدة مع طفلي في الغربة
النشر : أبريل 13 , 2021
آخر تحديث : أبريل 18 , 2021
آية صرصور، أم لطفلتين٬ فلسطينية٬ كاتبة محتوى باللغة العربية ومترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية وبالعكس٬ كما أنها خبيرة في التسويق... المزيد

قصة الأم واليوتيوبر/ شادن

بقلم: آية صرصور

قد تكون النهاية في بعض الأحيان هي بداية حياة أفضل، نهاية علاقة غير مستقرة وغير صحية، تستنزف طاقاتنا وتضعنا في حالة سيئة، وهو ما حصل معي عندما أخذت قرار انفصالي عن زوجي، وقد كانت فكرة الطلاق تراودني في الكثير من الأحيان كونها الحل والخلاص للوضع الذي أعيش فيه، ولكن وجود طفلي كان يمنعني من اتخاذ القرار دون تفكير مسبق، ودون أن أكون متأكدة من هذه الخطوة، ولكنني اكتشفت أنه كان أفضل اختيار في حياتي، حيث أعطاني المجال للبدء من جديد بحياة مستقرة ثابتة مع أهداف وطموحات واضحة، وأصبحت أكثر تركيزاً على تحقيق ذاتي والاهتمام بطفلي، ولم أشعر بزيادة المسؤوليات وذلك كوني المسؤولة عن أعباء المنزل قبل الانفصال، فكان الطلاق طريقة لتخفيف الأعباء قليلاً.

لطالما شعرت أن طريقة تفكيرنا تجعلنا نغير حياتنا ونظرتنا للأمور، فعلى الرغم من كل المشاكل والصعوبات التي واجهتها، إلا أنني كنت متسلحة بتفكيري الإيجابي، وكما أن وجود متابعين لي على منصات التواصل الاجتماعي قدم لي الدعم الذي أحتاجه، فكان هناك الكثير من الحب حولي والاهتمام، وخاصة أنني أعيش في ألمانيا بعيدة عن أهلي ومن أعرفهم.

فالغربة حلوة مرة، تجذبنا فيها القدرة على تأمين متطلبات الحياة والحداثة، وكوننا قادرين على العمل والتحرك بحرية، ولكن يصدمنا برودها وجمودها، فنشعر فيها دائماً بالاغتراب، فلا نجد فيها من نشعر معه بالانتماء، ويزداد هذا الشعور مع عدم وجود أصدقاء أو مقربين من حولنا، فالتواصل مع الأهل على منصات التواصل الاجتماعي لا يكون كافياً، ففي كثير من الأحيان نحتاج إلى حضن حاني ولمسة حنونة من أحبائنا فلا نجدها،  ولكنني حاولت قدر المستطاع أن أخلق بعض الأجواء التي تشعرني بأنني في عالمي، وأحاول أن أربي طفلي بشكل مختلف، على الرغم من أن المجتمع الألماني يحاول دائماً أن يغير من طباعه.

وقد زاد شعوري بالغربة عند إصابة طفلي بالمرض، فبدأت صحته تتدهور شيئاً فشيئاً، حتى تم تشخيص إصابته بوجود بكتيريا في الدماغ والناتجة عن إصابة سابقة بالتهاب في الأذن الوسطى ولكن لم تتم معالجتها بالشكل الصحيح.

كانت قد انتشرت البكتيريا وتفشت في عظامه حتى أصبح في حالة سيئة جداً، ولا تستطيع الكلمات أن تصف حالتي في تلك الفترة، فقد كنت في حالة سيئة جداَ أيضاً. شعرت باليأس والعجز، وكانت رحلة العلاج طويلة نهايتها غير معروفة!

تملكني خوف شديد خاصة عندما تم تحديد موعد العملية لطفلي والتي تلاها عمليات أخرى والمزيد من الإبر والعلاج والبقاء في المستشفى، ولم يستطع قلبي أن يدرك أن هذا الجسد الصغير قادر على تحمل كل هذا الألم والتعب، وعلى الرغم من مرارتها، استطعنا تجاوز هذه المرحلة، والتي خرجت منها أقوى من قبل، واستطعت أن أدرك أنني قادرة على الوقوف لوحدي أمام العالم من أجل طفلي.

وإن كان العالم في كثير من الأحيان قاسياً، فأجد الكثير من التعليقات السيئة والتي تنتقدني وتنتقد حياتي واختياراتي، ولكنني الآن أكثر تفهماً بأن لكل واحد منا حياته واختياراته وأنني لن أحصل على حب وإعجاب الجميع، وأن على دائماً التركيز على سعادتي وراحتي وطفلي، وإن كنت في كثير من الأحيان أتمنى لو أنني اتخذت قرارات مختلفة في حياتي، ولكن الواقع لا يعطينا دائماً ما نريد.

لذلك، يتوجب علينا أن نكون أكثر إدراكاً لما يحصل حولنا ولحياتنا، وعلينا أن نعطي راحتنا النفسية الأولوية دائماً، وقد تعلمت أن الحياة تتغير وأنه مهما شعرنا بأن الحياة قاسية أو صعبة فإن الظروف لا تستمر كما هي، وأنها دائمة التبدل والتغير، سواء للفرح أو للحزن، وأن نظرتنا للأمور هي التي تجعلها أفضل أو أسوأ.

 

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية