قصص أمهات

الرضاعة الطبيعية كانت قراري الوحيد والأجمل

الرضاعة الطبيعية كانت قراري الوحيد والأجمل
النشر : أغسطس 10 , 2020
آخر تحديث : أغسطس 14 , 2022

قصة مي أبو جغمان، أم لطفلة
 

في بدايات شهر شباط من هذا العام، كان الجو شتائياً ماطراً لطيفاً، جاءت طفلتي بعد ولادةٍ قيصريةٍ غير متوقعةٍ، ومحاولات للولادة الطبيعية أنهكت جسدي.

استنزفتني الولادة عاطفياً أكثر منه جسدياً، فقد تهيأت طيلة فترة الحمل للولادة الطبيعية، وقرأت وبحثت، لكن الله شاء أن تكون ولادتي بعملية قيصرية. 

بعد استيقاظي من العملية طلبت رؤية صغيرتي، فأحضروها وقد كانت نائمة، وانزعجت حين أخبروني أنها تناولت حليباً صناعياً، كان ذلك بناءً على طلب طبيبة الأطفال في المشفى؛ لتراقب مستويات السكر والوعي..

طلبتها ثانيةً في المساء، فجاؤوا بها سريعاً؛ لقد رفضت أكثر من نوع حليب، وجربوا معها أكثر من شكل زجاجة حليب، لكنها كانت ترفضها جميعها، حملتها وقربتها مني فاستطاعت لوحدها أن تعرف الطريق والطريقة لغذائها. 

رضعت قليلاً ثم نامت، كانت هذه الدقائق كفيلةً أن تنسيني كل ما حصل من تعب خلال اليومين الماضيين.

مرَّت إحدى الممرضات ورأتني مع طفلتي وقالت: لا تتعبي نفسك الآن، الحليب لن ينزل للطفل قبل ثلاثة أيام، نامي حتى ترتاحي.


انظري أيضاً: لجين: تجربتي في إرضاع طفلي التوأم رضاعة طبيعية


تجاهلت ما قالته ورددت عليها بابتسامة، كانت لدي المعرفة الكافية، والثقافة اللازمة التي علمتني أنها على خطأ!

فقد كانت فترة الحمل مرحلةَ التعلم النظري، قرأت كتباً كثيرة، حضرت أغلب الورشات التي كانت تعقد في توعية الأم وخاصةً في أيامها الأولى. 

أذكر كلمة قالتها مرةً استشارية دولية في الرضاعة الطبيعية في إحدى ورشاتها:" حليب الأم أغلى شيء تقدمه الأم لطفلها، ولو اجتمعت كل مصانع الحليب لإنتاج مثله فلن يستطيعوا إنتاج ما يعادل النفع والفائدة في نقطة واحدة من حليب الأم".

كانت هذه الكلمة دافعاً لي للاستمرار كلما تعبت.

بعد الخروج من المشفى، ألقيت علبة الحليب المصنع في القمامة، حتى لا أطاوع نفسي وأضعف، بدأت أعلم طفلتي الرضاعة وأتعلم منها، مرَّ الشهر الأول وهو الأصعب، وأنا ألبي نداء طفلتي كلما أرادت.

كانت رضاعتها طلباً للغذاء والحنان والقرب والأمان والدفء، كنت متألمة من أثر جرح العملية القيصرية، وكنت -لظروف خاصة- بعيدةً عن الأهل والصديقات. 

كنت في بعض الليالي أبكي وطفلتي بحضني، متألمةً وحيدةً متعبةً، لكن الرضاعة كانت تقويني، تشعرني أن المهمة النبيلة هذه ستمر وسأرى أثرها في نفسي وفي طفلتي، وأن صغيرتي هذا الكائن الصغير لا تعرف من الدنيا إلا رائحة أمها وطعم حليبها، فلماذا أحرمها إياه؟!

مرَّت الشهور والأيام، كنت أشجع نفسي وكان زوجي أكبر المساندين المعاونين، شجعني وحثني على الاستمرار. 


انظري أيضاً: رضاعة طبيعية دامت 7 سنوات.. هذه هي قصتي

وتعرفت إلى مجموعة الرضاعة الطبيعية في الأردن، فكانت لي سنداً مساعداً أيضاً، فكانت العضوات تجيب على أي تساؤل يخطر ببالي مهما كان صغيراً ومضحكاً ربما من أم قليلة الخبرة في هذا المجال، وكانت تجارب الأمهات وإنجازاتهن أكبر مشجع لي لأستمر.

استطعت بحمد الله، ثم مساندة هؤلاء أن أكمل الطريق. 

فعدت إلى العمل، وكانت مؤسستي التي أعمل فيها تدعم الرضاعة الطبيعية، من خلال حضانة للأطفال داخل مبنى العمل، وساعة الرضاعة التي تعطى للأم فتستطيع أن تذهب لطفلها في أي وقت متاح لإرضاعه. 


انظري أيضاً: أرضعت طفلتي لعامين وأرضعت طفلين آخرين!


فلم احتج للاعتماد على سحب الحليب إلا للحالات الطارئة.

وها نحن الآن على أعتاب الشهر الثامن عشر من الرضاعة الطبيعية، ومستمرون إلى إتمام العام الثاني إن شاء الله.

كانت الرضاعة خلال هذه الأشهر هي الغذاء والدواء والأمان، تلبي حاجات الطفل النفسية وليست الجسدية فقط.

وكنت أيضًا أجد مع طفلتي الراحة، فلا أجمل من منظر طفل ترك الدنيا بأسرها، واقترب من حضن أمه ثم غفا.
 

*كتبت هذه القصة بالتعاون مع مجموعة الرضاعة الطبيعية في الأردن

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية