صحة الأطفال

هل يمكن أن يكون التطعيم أحد مسببات التوحد لطفلك؟

هل يمكن أن يكون التطعيم أحد مسببات التوحد لطفلك؟
النشر : أكتوبر 29 , 2017
آخر تحديث : يونيو 07 , 2022
الدكتور رمزي طبيب أطفال متخصص في تنمية سلوكيات الطفل. وهو يعيش ويعمل حاليا في لندن و يقوم بزيارات منتظمة  إلى الوطن العربي... المزيد

لا شك بأن المعرفة بالتوحد قد ازدادت في جميع أنحاء العالم، وخاصة منذ بدء حملات التوعية في أوائل الثمانينات والتسعينات. مما أدى إلى ازدياد تساؤلات الناس عن الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد.
وبما أن أعراض التوحد عادة ما تلاحظ في السنة الثانية من الحياة، فكان من المنطق النظر في العوامل البيئية المشتركة التي يمكنها أن تؤدي إلى التوحد. وبما أن اللقاحات هي أكثر العوامل المشتركة بين الأطفال، وخاصة لقاح الحصبة، النكاف والحصبة الألمانية المناعي (MMR) الذي يعطى بين عمر ١٢-١٨ شهراً.

فكان من البديهي السؤال:  هل من الممكن أن يسبب لقاح MMR التوحد لطفلي؟


جميعنا نعرف منطقياً أنه عندما يقع حدثان في نفس الوقت قد تربطهما علاقة معينة ولكن من الممكن أيضاً أن تكون مجرد صدفة. لذلك، أجريت عدة دراسات للنظر في العلاقة بين التوحد ولقاح ‪MMR وقامت بالبحث في عدد كبير من الأطفال الذين تم تطعيمهم والأطفال الذين لم يتلقوا اللقاح. وأظهرت النتائج أن ليس هناك فرق في عدد حالات التوحد بين هاتين المجوعتين. مما دلّ على أنه لا توجد علاقة مسببة بين اللقاح والإصابة بالتوحد.
وللتحقق أكثر في هذه العلاقة قامت نخبة من العلماء من أعلى الهيئات الطبية في الولايات المتحدة بمراجعة كافة الدراسات المتعلقة بهذا السؤال ونشرت تقرير شامل عام 2011، شمل فيه جميع الدراسات والبحوث التي صدرت عن لقاح ‪MMR والتوحد واستنتجت كما سبق أنه لا توجد علاقة بين اللقاحات والإصابة بالتوحد. كما قامت جهات أخرى بدراسات بحثت فيها عما إذا كانت المادة الحافظة في بعض اللقاحات والتي تعرف باسم "ثيميروسال" هي ما تسبب التوحد إلا أن نتائجها كانت سلبية وأيضاً لم يتم العثور على علاقة بين هذه اللقاحات والتوحد.

للأسف، فلا زال هناك اعتقاد قوي بين الكثيرين أن اللقاحات تسبب التوحد على الرغم من هذه الأدلة العلمية وصدور العديد من الدراسات التي أثبتت العكس تماماً.

أحد العوامل التي ساهمت في نشر هذا الاعتقاد الخاطئ هي الضجة الإعلامية التي ولدها الدكتور أندرو ويكفيلد في عام 1998، عندما ادعى اكتشاف علاقة بين لقاح MMR والتوحد.
كان الدكتور ويكفيلد طبيباً في المملكة المتحدة. وفي عام 1998 قام بنشر نتائج دراسة أجراها على 12 طفل مصاب بالتوحد. حيث قام بإجراء تنظير لكل منهم للكشف عن الجهاز الهضمي وأعلن أن هؤلاء الأطفال مصابين بالتهابات في أجهزتهم الهضمية سببها لقاح MMR. فقام هو وزملاؤه بعقد مؤتمر صحفي أعلنوا فيه عن النتائج التي توصلوا إليها، مما أثار الذعر في جميع أنحاء العالم بشأن لقاح MMR، وبالتالي توقف الكثير من الأهالي عن تطعيم أطفالهم. وتبعاً لذلك انخفضت معدلات التطعيم بشكل خطير في عدد كثير من الدول مما أدى إلى انتشار العديد من الأوبئة في جميع أنحاء العالم. ‪ ولحسن الحظ، ثبت في وقت لاحق أن موجة الذعر هذه كانت مبنية على أسس ضعيفة. حيث أشير إلى أن الدراسة التي قام بها الدكتور ويكفيلد شملت على عدد قليل من المرضى، مما أدى إلى الحاجة لتكرارها لإثبات صحتها ولوحظ أن جميع الدراسات التي أجريت بعد هذه الدراسة لم تجد أي علاقة بين التطعيم والتوحد. ومع مرور الوقت، تم اكتشاف مشاكل أكبر في هذه الدراسة؛ حيث اتضح لاحقاً أنه تم تجنيد هؤلاء المرضى من قبل محام أراد مقاضاة مصنّعي اللقاحات. كما قام هذا المحامي بدفع مبلغ معين للدكتور ويكفيلد مقابل خدماته، بالإضافة إلى أن الدكتور ويكفيلد كان سيكسب مبالغ مالية عن طريق ادعائه لابتكار نوع جديد من اللقاح زاعماً انه لا يسبب أي آثار جانبية.

بعد ١٢ عام من دراسة الدكتور واكفيلد، وبعد مراجعة كافة الحقائق المتعلقة، اعترف ناشرو الدراسة (دورية لانست) في عام 2010، أنهم أخطأوا بنشر هذه الدراسة المضللة وسحبت من سجلاتهم وفي وقت لاحق قامت السلطات الصحية في بريطانيا بالتحقيق في سلوكيات الدكتور ويكفيلد وأوقف عن مزاولة مهنته وفقد ترخيصه لممارسة الطب في المملكة المتحدة.

وبالرغم من وجود كل هذه الأدلة، إلا أن الخوف من لقاح MMR الذي تبع حملة الدكتور ويكفيلد هذه لا يزال ينتشر خصوصاً على شبكة الانترنت. ولا يزال العديد من الأهالي يخافون من اللقاحات مما جعلهم يرفضون تطعيم أطفالهم وتعريضهم وغيرهم لخطر لا داعي له من الأمراض. وكان آخر ضحايا هذا التضليل مجموعة من الأطفال من المجتمع الصومالي في ولاية مينيسوتا في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد تعرضت هذه الأسر الصومالية مؤخراً لحملة تدعي أن لقاح MMR يسبب التوحد لأطفالهم. فأصيب الأهالي بالذعر وتوقفوا عن تطعيم أطفالهم مما أدى إلى إصابة العديد من الأطفال بالحصبة.
وفي الختام، آمل أن أكون قد بينت لكم أن اللقاحات لا تسبب التوحد أو اضطرابات نمو أخرى. وأن الامتناع عن تطعيم الأطفال لا يقلل من خطر الإصابة بالتوحد ولكنه يزيد من خطر الإصابة بالأمراض التي يمكن الوقاية منها مثل الحصبة، التهاب السحايا والالتهاب الرئوي وفقدان السمع، والتي يمكن أن تكون مهددة للحياة.
وأخيرا، أود أن أسمع منك ورأيك حول هذا الموضوع. ما هي تجربتك وممارساتك الشخصية ومجتمعك؟ كيف تقرأين المعلومات من الإنترنت؟

  • قمت بإدراج بعض المراجع الهامة (باللغة الإنجليزية) التي يمكنك قراءتها إن كنت ترغبين في استكشاف هذا الموضوع بشكل أكبر.

 

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية