الثلث الثالث

سلس البول أثناء الحمل: الأسباب وأفضل الطرق العلاجية

سلس البول أثناء الحمل: الأسباب وأفضل الطرق العلاجية
النشر : يونيو 29 , 2021
آخر تحديث : يوليو 28 , 2022
استشاري جراحة المنظار المتقدمة و جراحة النسائية والتوليد وأستاذ مساعد في كلية الطب. تخصص دقيق في علاج السلس البولي والتهبيطات النسائية. متواجد في... المزيد

مرحلة الحمل هي تلك الفترة الزمنية المثيرة والمليئة بالترقب، والتي يخضع خلالها جسمك إلى العديد من التغيرات التي قد تكون مثيرة للقلق في بعض الأحيان إلّا أنها طبيعية ومؤقتة. 

خلال الحمل وحتى ما بعد الولادة قد تشعرين بشكلٍ مفاجئ وعلى غير المعتاد بحاجتك إلى التبول، كما قد يصبح ذلك الشعور أكثر تواتراً مع تقدم الحمل

السلس البولي هو أحد أكثر مشاكل الحمل شيوعاً، إذ تعاني منه واحدة من بين كل ثلاث نساء حوامل، يتمثل بعدم قدرة المرأة السيطرة على المثانة ونزول البول بشكل لاإرادي في غير موعده، فقد تعانين من تسرب بعض قطرات البول أثناء السعال أو الضحك أو القيام بأنشطة بدنية أخرى، أو قد تشعرين بوجود رغبة قوية ومفاجئة للتبول بصورة تؤثر على جودة الحياة وتسبب لك الإحراج وقد تحد من قدراتك على القيام بالمهام والأنشطة اليومية بشكل جيد.

الأمر المطمئن لك هو أن سلس البول الناجم عن الحمل في معظم الأحيان يكون مؤقتاً، وغالباً ما ينتهي في غضون أسابيع قليلة بعد الولادة، كما أنه يمكن علاجه تماماً.

 تعرفي في هذا المقال على أسباب إصابتك بسلس البول أثناء الحمل وما بعده وكيف يمكنك التعامل معه.

كيف يؤثر الحمل على قدرتك على التحكم بالمثانة؟

المثانة هي كيس عضلي مستدير تقع فوق عظام الحوض مباشرة وتدعمها عضلات قاع الحوض المحيطة بها في مكانها. بينما تساعد العضلة العاصرة وهي صمام عضلي يقع في الجزء السفلي من المثانة على تخزين البول والتحكم بتدفق البول عند الحاجة.

مع تطور الحمل، يمكن أن تؤدي التغيرات الهرمونية والضغط الناجم عن توسع الرحم وكبر حجم الجنين إلى إرهاق المثانة والعضلة العاصرة وعضلات قاع الحوض الداعمة ككل.

ونتيجة لذلك، يتسرب البول من المثانة عند الضغط الإضافي الناتج عن قيامك بأعمال أو حركات بسيطة ومفاجئة مثل السعال أو العطس وغير ذلك على عضلات منطقة الحوض وهذا ما يعرف باسم سلس البول الإجهادي.

أحياناً قد تستمر مشاكل السلس البولي بعد ولادة طفلك؛ وذلك لأن عملية الولادة بحد ذاتها تضعف عضلات قاع الحوض والأعصاب التي تتحكم بانقباض عضلات المثانة وحركتها، يعتمد ذلك على نوع الولادة سواء كانت الولادة المهبلية أو القيصرية، وعدد مرات الولادة، كما تتسبب في إجهاد وتمدّد عضلات قاع الحوض وتدَلي الأعضاء في منطقة قاع الحوض بما في ذلك تدلي المثانة أو ما يعرف باسم هبوط المثانة حيث تنزاح المثانة عن مكانها إلى أسفل الحوض. 

متى تخبرين طبيبك؟

من المهم جداً البقاء على تواصل دائم مع طبيبك المشرف على حالتك خلال فترة الحمل وحتى ما بعد الولادة، وإخباره بجميع التغيرات التي تطرأ على جسمك للتأكد من أنك تفعلين الأفضل لك ولطفلك ولتقليل مخاوفك حول ما تمرين به.

تحدثي إلى طبيبك إذا أصبح السلس البولي مشكلة تؤثر على حياتك أثناء الحمل أو استمر لمدة تزيد عن ستة أسابيع بعد الولادة؛ فقد يرتبط تسرب البول في هذه الحالة بالعديد من الحالات المرضية الأخرى والتي تستوجب الوقوف عليها لاستعادة السيطرة على المثانة ومنع تفاقم المشكلة لديك. 

كيف يتم تشخيص السلس البولي أثناء الحمل؟

كما ذكرنا سابقاً، فإن معظم مشاكل السلس البولي وفقدان السيطرة على المثانة أثناء الحمل هي أعراض مؤقتة سرعان ما تختفي مع الولادة، ومع ذلك من الجيد مراجعة الطبيب إذا استمرت لمدة ستة أسابيع أو أكثر بعد الولادة.

يفضل قيامك بتسجيل عدد مرات الدخول إلى الحمام في اليوم، وعدد مرات تعرضك للتسرب البولي، وكيفية حدوثه،  هل تعانين من إجهاد شديد أم  أن حركات بسيطة تؤدي للسلس البولي. تناقشين طبيبك بكافة هذه التفاصيل.

في البداية، سيقوم طبيبك بتوجيه بعض الأسئلة وإجراء الفحص البدني لاستبعاد المشاكل الطبية المختلفة، مع إجراء بعض الفحوصات للتأكد من كفاءة المثانة في أداء وظائفها، تشمل هذه الفحوصات الطبية ما يلي:

  1. تحليل البول، للكشف عن عدوى المسالك البولية.
  2. تصوير منطقة قاع الحوض بالموجات فوق الصوتية.
  3. تخطيط المثانة، لقياس الضغط داخل المثانة، ومعرفة قوة عضلة المثانة، وتحديد حجم المثانة، وكمية البول الذي يمكن الاحتفاظ به دون حدوث أي تسرب )في حال عدم الاستجابة للعلاج).

كيف يمكن علاج السلس البولي أثناء الحمل؟

تنطوي الخطوات الأولى في علاج السلس البولي أثناء الحمل على تغيير نمط حياتك باتباع العادات الصحية التي تساهم بشكل كبير في إدارة المثانة ومنع التسرب البولي.

من التغيرات الإيجابية التي ينصح بها:

  1. الابتعاد عن المشروبات الغازية والمشروبات الغنية بالكافيين والتي تزيد من تهيج المثانة والشعور بالحاجة للتبول.

  2. الحرص على إدخال الألياف إلى النظام الغذائي المتبع تفادياً لحدوث الإمساك؛ والذي يسبب زيادة الضغط على عضلات قاع الحوض وبالتالي تفاقم السلس البولي.

  3. تجنب التدخين؛ فعادة ما يسبب التدخين تهيج المثانة ومشاكل تنفسية تتمثل بالسعال المزمن وزيادة الوضع سوءاً.

  4.  الحفاظ على الوزن الصحي؛ يسبب الوزن الزائد لا سيما حول منطقة البطن زيادة الضغط على عضلات الحوض وبالتالي زيادة الضغط على المثانة، كذلك يساعد فقدان الوزن بعد الولادة في علاج سلس البول بعد الحمل.

  5. التقنيات السلوكية التي تقوم على إفراغ المثانة وتدريبها، قومي بتسجيل عدد مرات التبول اليومية، وعدد مرات حدوث التسرب البولي ومتى حدث بحيث تكونين قادرة على تحديد سبب ووقت حدوث التسرب وبالتالي تجنبه بالدخول إلى الحمام في هذه الأوقات أو قبلها.

  6. تدريب المثانة، وذلك بزيادة فترات الانتظار بين مرات الدخول إلى الحمام، مثلاً ابدئي بالذهاب إلى الحمام مرة كل ساعة، ثم بعد فترة قومي بتغيير الجدول الزمني إلى كل 90 دقيقة، ثم ساعتين وهكذا واستمري في زيادة الوقت حتى تصلين إلى حوالي ثلاث أو أربع ساعات بين كل دخول إلى الحمام.

  7. استخدام الفرزجة (pessary وهي عبارة عن قطعة مرنة مصنوعة من السيليكون، تأتي بأشكال وأحجام مختلفة، توضع داخل المهبل بهدف دعم بنيته الداخلية، حيث تساهم في إعادة شد ودعم العضلات، وعادة ما ينصح بها في حالات هبوط المثانة وتدلي أعضاء الحوض.

كيف تساعد تمارين كيجل في علاج السلس البولي أثناء الحمل؟

تمارين كيجل أو تمارين قاع الحوض واحدة من أهم الطرق الفعالة لتقوية وشد عضلات منطقة الحوض الداعمة للمثانة والسيطرة على السلس البولي.

أولاً، ينبغي تحديد موضع عضلات قاع الحوض المراد تقويتها، يمكنك القيام بذلك من خلال الدخول إلى الحمام للتبول، ومن ثم التوقف فجأة وقطع تدفق البول (قومي بذلك فقط في المرة الأولى للبحث عن عضلات الحوض)، العضلات التي تقومين بشدّها هي عضلات قاع الحوض. 

أثناء ممارسة تمارين كيجل، حافظي على استرخاء العضلات في منطقة البطن والأرداف والفخذين، ثم قومي بشد عضلات قاع الحوض المستهدفة والعد حتى 10، من ثم استرخي مع العد حتى 10، كرري ذلك 10 مرات متتالية في كل مرة تمارسين فيها تمارين كيجل خلال اليوم.

مارسي هذه التمارين البسيطة بانتظام بمعدل ثلاث مرات في اليوم واحرصي على جعلها من روتينك اليومي. يمكنك ممارسة تمارين كيجل في أي وقت أثناء الجلوس أو الاستلقاء. 

 

متى يستدعي الأمر التدخل الجراحي؟

عادة ما نلجأ إلى العلاج الجراحي بعد فشل جميع الخيارات الأخرى في إعادة السيطرة على المثانة ومنع التسرب البولي.

يؤخذ بعين الاعتبار وضع المريضة بعد الولادة، ودرجة السلس البولي الذي تعاني منه، والظروف المحيطة لا سيما بأن العلاجات الأخرى غير الجراحية تتطلب مرور فترة زمنية من الالتزام لتظهر نتائجها.

 ومع ذلك، لا ننصح بإجراء الجراحة إذا كنت تخططين للحمل في المستقبل؛ يمكن أن يسبب ذلك تكرار الأمر مرة أخرى.

تتضمن الإجراءات الجراحية الأكثر شيوعاً والمستخدمة في علاج السلس البولي كل من:

  • الحقن بالمواد الحجمية، تعتبر خيار فعال في حال كان هناك ضعف في صمام الإحليل، حيث تساعد هذه المواد في تثبيت الإحليل في مكانه وبقائه مغلقاً.

  • إجراءات حبال وتسمى أيضاً إجراءات المعلاق، نقوم خلالها باستخدام شريط أو شبكة من الأنسجة الطبيعية أو الاصطناعية لتحيط بعنق المثانة والإحليل، وتساعد في رفع الإحليل وبقائه مغلقاً عند الإجهاد.

  • تعليق عنق المثانة (Burch Colposuspension)، يتم خلالها تثبيت المثانة في مكانها باستخدام غرز على جانبي الإحليل.

 تبقى هذه العلاجات الجراحية خياراً فعالاً إذا كنت ما زلت تعانين من سلس البول بعد ستة أسابيع أو أكثر من الولادة، يقترحه عليك طبيبك بعد فشل العلاجات التحفظية واتباع أنماط الحياة الصحية في إدارة مشكلتك.

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية