صحة الأطفال

انفجار بيروت: كيف يستجيب الأطفال للكوارث والأحداث الصادمة

انفجار بيروت: كيف يستجيب الأطفال للكوارث والأحداث الصادمة
النشر : أغسطس 12 , 2020
آخر تحديث : يونيو 07 , 2022
سميرة حجار هي أخصائية نفسية تقوم بالعلاج عن طريق اللعب. من مؤهلاتها الأكاديمية درجة الماجستير في العمل الاجتماعي الاكلينيكي مع العائلات والشباب... المزيد

بينما شهد الناس حول العالم الانفجار الكارثي الذي حدث في بيروت على شاشات التلفاز من بعيد، أصبح من المهم أن نشير إلى ردود أفعال تلك الفئة العمرية المعرضة أكثر من غيرها للصدمات، فئة الأطفال تحت عمر الست سنوات، الذين شهدوا هذا الانفجار بأنفسهم من منازلهم.

هذا الانفجار يعد من الكوارث المجتمعية المدمرة، التي تتسبب في نزوح آلاف العائلات عن مجتمعاتهم ومساكنهم، دون معرفة الكثير عن استجابات الأطفال لمثل هذه الصدمات والكوارث!

وذلك نظراً لحساسية هذه الفئة من الأطفال الرضع والأطفال الصغار والأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة وضعفهم مقارنة بغيرهم، بالإضافة إلى قدراتهم اللفظية والمعرفية المحدودة. 

كل هذا شكل عائقاً أمامنا لفهم نفسيتهم وتجربتهم المتعلقة بالصدمة التي تعرضوا لها. لهذا، سأستخدم هنا دراسات عن حوادث مشابهة لألقي الضوء على ردود الأفعال النمطية لهؤلاء الأطفال أثناء وبعد الكارثة كما وصفها أهاليهم.

فما هي ردود أفعال هؤلاء الأطفال المحتملة خلال يوم الكارثة؟

يمكن أن تختلف ردود الفعل العاطفية والسلوكية بشكل كبير من طفل إلى آخر في يوم الانفجار.

فمن المتوقع أن يتخذ بعض الأمهات والآباء قرارات سريعة لحظة الانفجار كإخلاء منازلهم أو تأمين أطفالهم في مكان ما، أو محاولة الوصول إليهم إذا لم يكونوا متواجدين حولهم عندها يظهر الأطفال ردود فعل وتفاعلات متباينة مع كل ما يجري أمامهم:

  1. ردود فعل هادئة ومتعاونة

يمكن لبعض الأطفال أن يكونوا هادئين ومتعاونين بشكل غير متوقع خلال الأزمة. سيجلسون لمشاهدة المباني تحترق أو تنهار من حولهم، وقد يندمج البعض منهم بما يشاهدونه كما لو كان جزءاً من وقت اللعب.

على سبيل المثال، قد يتفاعل طفل بعمر الرابعة مع الموضوع كما لو كانت لعبة تتطلب منه الاختباء تحت الطاولة، فاللعب هو العالم الذي يعيش فيه الأطفال بهذا العمر.

وفي مثال آخر، قد يتفاعل طفل في الخامسة من عمره مع الصخور والغبار المتساقط بأن يقول بدهشة: "أمي أنظري إنها تثلج" أو "الطيور تتساقط من الأعلى"، فهذه طريقتهم في فهم ما يرونه وما يدور حولهم.

بالإضافة إلى ذلك، بعض الأطفال الذين بالوضع الطبيعي لا يتقبلون الغرباء قد يصبحون متعاونين وهادئين بشكل أكبر إذا حملهم أحد الأشخاص الغرباء لإنقاذهم ضمن عمليات الإخلاء.

على الرغم من أن هذه التصرفات تساعد الأهل في مثل هذه الأوقات الصعبة لتسهيل عملية الإخلاء والتعامل مع الكارثة بالسرعة الممكنة. لكنها تعتبر تصرفات تدل على الشعور بالصدمة لدى الطفل، وتجعلنا نتساءل فيما إذا كان الطفل يعاني من أزمة حقيقية أم لا!

  1. ردود فعل يصعب التعامل معها

على العكس مما سبق، يكون لدى أطفالٍ آخرين ردود فعل رافضة وصعبة (وهي الأكثر شيوعاً في مثل أعمارهم) مثل: الصراخ، ورفض التجاوب مع الطلبات، والعديد من نوبات الغضب، ورفض المشي أو التحرك لإخلاء المنازل.

  1. ردود فعل خائفة ومرتبكة

يعبر الأطفال الصغار عن خوفهم بطرق مختلفة بالاعتماد على أعمارهم وشخصياتهم، فبعضهم يظهر الخوف من الفوضى والدمار الذي يحدث حولهم، وبعضهم الآخر من ابتعادهم عن والديهم أو مقدمي الرعاية لهم، وآخرون يخافون من رؤيتهم لردود أفعال البالغين التي لم يروها من قبل مثل الصراخ والذعر.

في هذه الفئة العمرية، يكون خوف الأطفال من الانفصال عن أمهاتهم وآبائهم شائعاً، فطفلة بعمر 3 سنوات قد تهلع من الخوف لمجرد ابتعاد أمها عن ناظرها مدة ثوانٍ قليلة، أو أن تصرخ وتبكي تطلب أباها بعد عدة أيام من الحادثة مع أنه في الغرفة المجاورة.

بالمقابل، قد يعبر أطفالٌ آخرون عن شعورهم بالخوف والانعزال والصمت، فيتوقفون عن الكلام حتى وإن طلب منهم الحديث، وقد ينام الأطفال في عمر السنتين لساعات طويلة على الرغم من كل ما يدور حولهم.

  1. مشاكل النوم واختلاف الروتين

إن التغيرات في النوم والاستيقاظ والأكل وسرعة الانفعال كلها أمور تتعلق باضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) لدى الأطفال الصغار. فيمكن ملاحظة أعراض لدى الأطفال الصغار والرضع تشمل صعوبات شديدة في النوم، فهي تتطلب فصلاً مؤقتاً لهم عن الوالدين.

فيما ينام بعضهم الآخر لساعات طويلة جداً في أوقات غير اعتيادية. وهذه تعتبر وسيلة للتأقلم مع ما مر به هؤلاء الأطفال الصغار في مثل هذا العمر.

وقد يعاني أطفالٌ آخرون من نوبات غضب شديدة وفرط في الحركة بحيث لا يستطيع الأمهات والآباء تهدئتهم، وكل هذه السلوكيات هي طريقة الأطفال في محاولة فهم هذه الأحداث والتعامل معها بما يناسب أعمارهم.
 

لكن، كيف تكون ردود أفعال الأطفال بعد مرور وقت على الصدمة؟

  1. الحزن والشعور بالفقد

الشعور بالحزن والفقد بعد حادث الانفجار هو شيء شائع بين الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة، خاصةً فيما يتعلق بأغراضهم الشخصية. سيبدؤون بعدها أيضاً بالحزن على الطقوس اليومية والمساحات الآمنة كمنازلهم وأسرتهم والحدائق والمباني التي اعتادوا الذهاب إليها.

فالأطفال الصغار يحبون النظام والروتين، وأي تغيير فيه يشعرهم بعدم الأمان، ومن الطبيعي أن يصيبهم هذا الشعور بعد شهور من الحادث.

  1. مشاكل الانفصال

ستبقى مشاكل الانفصال تظهر حتى بعد أشهر من الأزمة. فمثلاً قد يعبر بعض الأطفال في سن ما قبل المدرسة عن ذلك بقول أشياء مثل "لا تتركيني. انتظريني" حتى لو كنت على بعد خطوات منهم.

وقد يجد بعض الأطفال صعوبة في توديع الأطفال الذين التقوا بهم للتو في منطقة اللعب.

  1. مخاوف جديدة       

بعد أسابيع أو أشهر من الحادثة، يعاني الأطفال الصغار من مخاوف جديدة. تتنوع هذه المخاوف من أمور متعلقة بالكارثة، مثل الخوف من صفارات الإنذار وانهيار المباني وصوت كسر الزجاج والخوف الشديد من الأصوات الصاخبة وخاصة المفاجئة منها.

ومخاوف أخرى عامة كالخوف من الظلام والنوم في غرفة لوحدهم. وهناك بعض المخاوف التي يكونها الطفل بناءً على تجربة خاصة به خلال الكارثة، مثل أن يشعر طفل يبلغ من العمر 3 سنوات بالخوف من برنامج كان يشاهده لحظة الانفجار.
 

هناك حاجة ملحة لأن يكون الكبار والأهالي ومقدمي الرعاية والممرضات ومعلمي المدارس على دراية بردود الفعل هذه التي يتعرض لها الأطفال الصغار بعد حادث كهذا الحدث الصادم، من أجل مساعدتهم على فهم هذه التجربة والتغلب عليها.

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية