الرضاعة الطبيعية

عندما تكون الرضاعة الطبيعية صعبة

عندما تكون الرضاعة الطبيعية صعبة
النشر : يوليو 06 , 2016
آخر تحديث : يونيو 06 , 2022
الدليل الشامل للأمهات في العالم العربي المزيد

اليوم أنا أكتب للنساء اللواتي يعانين بالرضاعة الطبيعية، اللواتي يشعرن بأن الرضاعة الطبيعية ليست لهن، أو أنهن لا يستطعن الإرضاع، أو أنهن يمضين معظم أيامهن بالبكاء بسبب أدائهن بالرضاعة الطبيعية.

نحن نسمع الكثير عن جمال الرضاعة الطبيعية. أنا كتبت عن ذلك مرات عديدة، عن الرابط القوي بين الأم والرضيع، عن شعور الأم بالثقة وهي ترى طفلها ينمو، عن البساطة التي يغفو بها الطفل على صدرها. لا يوجد شيء آخر يضاهي هذه المشاعر. وكل أم تستحق أن تشعر بذلك مع طفلها. لكن ماذا إذا كان ذلك لا يحدث بالطريقة التي تتوقعينها؟ ماذا إذا كانت ثقتك بإرضاعك لطفلك لا تنمو وتكبر مع طفلك؟ في كثير من الأحيان تأتيني الأمهات لأخذ الاستشارة وهن قد وصلن لمرحلة اليأس، وقد فقدن الثقة بقدرتهن على الاستمرار بالرضاعة، ولا يستطعن رؤية مخرج من وضعهن الحالي. وغالبا ما يسمعن بأن زجاجة الرضاعة هي الحل السهل لكل مشاكلهن والحل الأفضل لصحتهن العقلية.
لكن هل هذا صحيح؟ الإرضاع هو أمر طبيعي. لماذا لا ينجح معي؟ ماذا تعني عبارة أن "الرضاعة هي أمر طبيعي"؟ هل تعني أنك في يوم من الأيام سوف تلدين طفلك وفجأة سوف تعرفين وحدك وضعيات الإرضاع المريحة وكيفية الالتقاط الصحيح للحلمة، و التعامل مع طفرات النمو، والحل للحصول على نوم في الليالي الطويلة، ومشاكل التسنين، وكل هذه الأشياء التي تأتي مع الرضاعة؟ إذا كانت هذه العبارة تعني كل ذلك، فأنا أقترح أن نتوقف عن استخدامها بهذا الشكل.
العناية بالأطفال والأمومة هي أمور طبيعية. هي التطور الطبيعي الذي يحصل للأهل مع وجود الأطفال. لكن هذه الطبيعية لا تجعل الموضوع سهل! بالنسبة لي، العناية بالأطفال هي أسهل أصعب الأشياء،
العناية بالأطفال والأمومة هي أمور طبيعية. هي التطور الطبيعي الذي يحصل للأهل مع وجود الأطفال. لكن هذه الطبيعية لا تجعل الموضوع سهل! بالنسبة لي، العناية بالأطفال هي أسهل أصعب الأشياء، وأكثر الأشياء التي تشعرني بالتقدير والإنجاز. إنها تدفعني للنظر إلى نفسي وتقييم ذاتي وتقييم ما أفعل، وتجريب تكتيكات جديدة كل مرة وكل يوم. والرضاعة كانت جزءا من كل ذلك. الرضاعة هي أمر غريزي، لا يوجد شك بذلك. من هذه الناحية الرضاعة الطبيعية هي أكثر الأشياء طبيعية في العالم. نحن نحمل أطفالنا إلى قلوبنا بشكل غريزي. هل صدفة وجود صدر الأم بجانب قلبها؟ أطفالنا يتبعون رائحة الحلمة ويلتقطونها وحدهم بشكل غريزي إذا سمحنا لهم بذلك وتركناهم على صدور أمهاتهم. لكن ذلك كله لا يعني أن الرضاعة الطبيعية سهلة. أنا دائما أكلم الأمهات عن عملية المشي. المشي هو شيء طبيعي، لكن بالنسبة لنا فسهولة المشي أتت من ممارستنا له طوال سنوات عديدة. والمشي سهل أيضا على طفل عمره خمس سنوات، من خلال ممارسته. والمشي طبيعي أيضا عند طفل عمره سنتين لكن ليس بكفاءة من هم أكبر منهم عمرا، لأن المشي عنده في طور التطور. هل المشي طبيعي لطفل عمره سنة؟ الحاجة للوقوف والمشي هي بالتأكيد طبيعية. عملية نقل وزن الجسم من نقطة إلى نقطة، وتحريك كل رجل، والحصول على اتزان، والتقدم بالخطوات، كلها تحتاج للوقت، لعدة أسابيع. والطفل يكون بحاجة ليد تسانده ولعين تراقبه، ولشخص يشجعه. الأطفال يرون من حولهم في البيت والسوق والشارع يمشون، طوال الوقت. وعند محاولتهم للوقوف والمشي كما نعمل يحتاجون للثناء على مجهودهم وعلى كل خطوة جديدة. لن يقول أحد للطفل لا داعي لكل هذا العناء، لما لا تستمر بالزحف حتى لا تقع وحتى لا تهتز ثقتك بنفسك وقدراتك! أو أن يقول للطفل لا تتعب نفسك بالمحاولات سوف أحملك أنا! لا توجد أي مهارة أخرى نتوقع أن تأتينا معلوماتها والقدرة على أدائها فجأة، إلا في حالة الرضاعة الطبيعية. لا أحد يتوقع منها عزف كونشيرتو على بيانو اشتريناه الأسبوع الماضي ونحن لم نتعلم الموسيقى من قبل. ولا أحد يتوقع منا تكلم لغة جديدة بطلاقة خلال يوم أو يومين بالرغم من أن اللغة هي شيء طبيعي للإنسان. ولا أحد يتوقع منا ركض خمسة كيلوميترات دون التدريب المسبق على ذلك. فلماذا إذا نشعر بالفشل عند مواجهتنا لصعوابات في الرضاعة ونحن لم نمارسها، ونادراً ما رأينا أحد يمارسها أمامنا، وغالبا لم نحصل على معلومات تخصها من قبل؟
لا توجد أي مهارة أخرى نتوقع أن تأتينا معلوماتها والقدرة على أدائها فجأة، إلا في حالة الرضاعة الطبيعية. لا أحد يتوقع منها عزف كونشيرتو على بيانو اشتريناه الأسبوع الماضي ونحن لم نتعلم الموسيقى من قبل.
الحقيقة هي أن جميع الأمهات يواجهن صعوبات في الإرضاع في الأيام الأولى من حياة الطفل،وبأشكال مختلفة. فالبعض يشكون من صعوبة تعلق الوليد بالحلمة، والبعض الآخر يشكون من كثرة رضاعة الوليد، وأخريات من الممكن أن يواجهن صعوابات بسبب مرض الوليد. وهناك مشاكل أيضا تأتي من تدخلات العائلة حول الأم ورغبتهم في المشاركة في إطعام الطفل. كل الأمهات الجدد يواجهن صعوباتهن الخاصة بسبب التغيرات التي تحصل لهن ولعائلاتهن خلال فترة تعلمهن للرضاعة وللأمومة. هل تعلمين ما هو الفرق بين الأمهات اللواتي استمرين بالرضاعة والأمهات اللواتي توقفن عن الإرضاع؟ الدعم. في النرويج، ٩٨٪ من الأطفال يرضعون رضاعة طبيعية، وعلى عمر ستة شهور ٨٠٪ منهم يرضعون رضاعة طبيعية. الأمهات في النرويج لا يختلفون عن الأمهات في المناطق الأخرى. حسنا، ربما هن أطول وأشقر، لكن صدورهن تعمل بنفس الطريقة التي تعمل بها صدور باقي النساء. الفرق الحقيقي هو أن الرضاعة الطبيعية عندهن هو الأمر الشائع والأساسي. الأطفال والمراهقين والكبار عندهم اعتادوا على رؤية الرضاعة الطبيعية حولهم. نحن نراقب ونتعلم. أنا لم أذهب للنروبج من قبل، لكنني شاركت بالعديد من مجموعات الدعم الخاصة بالرضاعة الطبيعية، وما أعلمه هو هو أن مشكلة الأم تبدأ بالزوال عندما تشارك بها مع باقي الأمهات، فتجد من حصل معها أمر مشابه، ومن يدلها على مقالة لتقرأها، ومن يدلها على شخص يستطيع مساعدتها. أظن أنه ثقافيا ومجتمعيا، سوف تصلين لمرحلة معينة سوف تتعرفين على عدد كاف من الأمهات المرضعات، فتصبح توقعاتك أكثر واقعية، وتصبح مصادر الدعم متوفرة حولك ومعروفة لديك.
 

رسالة لك اليوم إذا كنت تقرأين هذا المقال اليوم وعندك مشاكل مع الرضاعة الطبيعية، فسوف أقول لك ثلاثة أشياء:


١) جدي شبكة دعم:

إذا كانت عائلتك وصديقاتك من حولك لا يعرفون الكثير عن الرضاعة الطبيعية ولا يقدمون لك الدعم المطلوب، فابحثي عن أشخاص آخرين للدعم. إذا وجدت حولك مجموعة لدعم الرضاعة الطبيعية فاذهبي اليها. عادة ما تخشى النساء مثل هذه المجموعات لأسباب ثقافية تتعلق بجهلنا لما تحتاجه الأم من دعم حتى تتغلب على صعوبات الرضاعة في مراحلها الأولى. ما سوف تجدينه في مجموعات دعم الرضاعة هو نساء مثلك، بعضهن يعانين من نفس مشاكلك، وبعضهن الآخر لديهن مشاكل أخرى ومختلفة. البعض منهن قد يكن قد دخلن مؤخرا في المرحل السهلة من الرضاعة، وسوف ترين أخريات يرضعن لفترات طويلة لأن الرضاعة ما إن تصبح سهلة تظل سهلة. والعامل المشترك بين هؤلاء النسوة هو أنهن قد تعبن، وتعلمن، وتطورن. في مجموعات الدعم، في كل زيارة سوف ترين أمهات جدد وسوف تسمعين منهن نفس الكلمات التي كنت ترددينها عندما اشتركت بالمجموعة، ونفس القلق، ونفس المشاكل. وسوف تكتشفين أنك قد تغلبت على تلك المشاكل الآن. ففي بعض الأحيان، النظر إلى الوراء يجعلنا نشعر بمدى تقدمنا إلى الأمام. وإذا لم تجدي مجموعة دعم قريبة منك، فسوف تجدين دعما من مجموعات الأمهات على الانترنت. لن تسنح لك الفرصة لشرب الشاي معهن ورؤيتهن يرضعن أطفالهن أمامك، لكن سوف تجدين الأصدقاء والدعم والمساحة لتتحدثي عما يحدث معك. دعم النساء لبعضهن البعض هو شيء جميل. نحن مصممات لعمل ذلك، ونحن ننمو ونزهر في هذه البيئة.


٢) جدي مختصة في الرضاعة الطبيعية:

دعم الأمهات حولك هو شيء قيم جدا ومهم، لكن ان كنت ما زلت تعانين بالإرضاع، سوف تحتاجين أكثر من الدعم النفسي والمعنوي. سوف تحتاجين لمختصة تستطيع تمييز الأسباب المؤدية لوضعك الحالي وتستطيع أن تدلك على الخطوات اللازمة لتتجاوزي تلك الصعوبات، سوف تحتاجين لها لتستمع لهمومك ولا تقلل من أهمية الصعوبات التي تواجهك. بل بالعكس، سو5 تقوم بدعمك بالمعلومات الموثوقة وتقوم بالعمل معك لاكتشاف حلول لمشاكلك. المختصة بالرضاعة الطبيعية (International Board Certified Lactation Consultant IBCLC) سوف تعطيك ما تحتاجينه من الوقت لشرح حالتك لها، عادة ما تحتاجين ساعتين لذلك وممكن أن تأتيك لبيتك، لتستمع لهمومك، ثم تساعدك في إيجاد وضعيات مريحة للرضاعة وللالتقاط الحلمة، وتعمل معك على وضع خطة علاجية، وتتابع معك لترى نتائج هذه الخطة. وبالرغم من تكلفة هذه الاستشارة، لكنها تعتبر شيء بسيط مقارنة مع تكاليف الحليب الصناعي خلال السنة الأولى من عمر الطفل. إذا كنت تعانين، فابحثي على المساعدة، أنت تستحقين أن تستمعي بتجربتك مع طفلك.


٣) أعيدي النظر في الطريقة التي تقيمين بها أدائك:

المولود الحديث يرضع كثيرا ومكررا. وفي حال مواجهتك لمشاكل بالإرضاع فأنت سوف تتذكرين هذه المشاكل طوال الوقت وبكل محاولة إرضاع. إذا كانت مشاكلك بسبب صعوبات في التقاط الحلمة أو بسبب أوجاع بالحلمة، فأنت تعانين في كل مرة. ومن السهل في نهاية النهار أن تسمحي لهذه المشاكل بأن تسيطر عليك. وغالبا ما تصف الأمهات شعورهن بأنهن قد خذلن أطفالهن. عندما تصلين لآخر النهار، انظري للخلف وأعيدي النظر بما حصل معك في ذلك اليوم. أطباء النفس يقسمون عقلية الناس لنوعين: نوع ينمو مع التجارب، ونوع يقاوم التعلم ويبقى ثابت على حاله.

أعيدي النظر في يومك بعقلية قابلة للنمو. إذا كان طفلك لا يستطيع التقاط الحلمة لكنه يرضع حليبك الذي استخرجتيه من صدرك، فتذكري كل العناصر الموجودة في هذا الحليب والمصنوعة خصيصا لأجله وحسب احتياجاته. إذا كان طفلك يرضع منك لكن ذلك يسبب لك الآلام، فتذكري أنه قبل عدة أيام أو أسابيع لم تكوني ترضعي أصلا، لكن بعد ولادته وهو يرضع منك. واعلمي أن هذا الطفل قد حصل على الغذاء والراحة والتنظيم لدقات قلبه وسرعة تنفسه وحرارة جسمه، وحصل أيضا على الأمان العاطفي والبدني. إذا كان طفلك لا يرضع منك بشكل حصري وهذا هو هدفك المنشود، فضعيه كهدف تعملين وتتطورين لأجل الوصول إليه. ومثل أي مهارة أخرى، فالتطور لا

يمشي عادة بخط مستقيم، لكن عندما تنظرين للخلف سوف ترين التقدم. انظري للخلف بعدة أسابيع، هل لاحظت الفرق؟

جدي ما هو ناجح معك خلال الرضاعة. إذا تغذى طفلك جيدا في ذلك اليوم، فهذا نجاح. إذا انتهى اليوم ولازلت ملتزمة بالرضاعة الطبيعية، فهذا نجاح. ركزي على ما هو ناجح. أخصائية الرضاعة الجيدة سوف تساعدك وتحتفل معك بنجاحاتك كل يوم. اعملي على الخطة التي وضعتها مع الأخصائية، وتذكري أن كل مهارة جديدة تحتاج إلى التمرين. إذا عملت على وضعية جديدة في الرضاعة لتحسين

التقاط الطفل للحلمة، فأعط. نفسك الوقت حتى تصبح هذه المهارة الجديدة أكثر طبيعية وأكثر سهولة بالنسبة لك. الكل يفشل في الايام الأولى، لكن مع الدعم الصحيح تصبح الأمور أسهل وأفضل.

مقال لكارول سميث IBCLC ترجمة وفاء القواسمي (بتصرف)

 

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية