الرضاعة الطبيعية

أساسيات الرضاعة الطبيعية: كيفية البدء

أساسيات الرضاعة الطبيعية: كيفية البدء
النشر : نوفمبر 21 , 2015
آخر تحديث : نوفمبر 05 , 2023
فاتن تميم هي زوجة وام لثلاثة اطفال قضت حياتها في العمل الجاد والدراسة والمشاركة في رفع الوعي الصحي للمجتمع. مرشحة دكتوراة، اخصائية... المزيد

هناك الكثير من الأمور الواجب عليك تعلمها كونك ستصبحين ماما لأول مرة! الحمل والولادة، والرضاعة.


هل هناك نهاية لكل المعلومات الواجب استيعابها وفهمها قبل أن يأتي طفلك؟ أنت بكل تأكيد بحاجة لأخذ بعض الوقت لكي تحلمي بصغيرك الذي ينمو بداخلك، بتلك الحياة الجديدة، بتلك المعجزة! أما بالنسبة لتعلم الرضاعة الطبيعية، فلا تقلقي. لقد جمعنا لك معلومات ووضعناها في إرشادات من السهل اتباعها خطوة بخطوة، لتمكنك من قراءتها ومناقشتها مع طبيبك.

أولاً، تذكري بأن إفراز جسمك للحليب يعتبر مرحلة طبيعية في الدورة الإنجابية، لذا فأنت لست بحاجة لمعلومات خاصة لجعل ذلك يحدث! ولكن تقنية الرضاعة الطبيعية مهارة متعلّمة، وهي تتطور بالممارسة والدعم. وبالرغم من أنك حصلت على المعلومات اللازمة عن الرضاعة الطبيعية قبل الولادة، إلا أن ممارسة ضم صغيرك إلى صدرك بعد الولادة ومراقبة مدى فاعلية عملية الإرضاع الطبيعي تمدك بالثقة اللازمة وأنت تبدئين هذه الرحلة المميزة في عالم الأمومة.

هيا بنا لنخوض في التفاصيل:

الرضاعة الطبيعية قبل الولادة:

من أهم الأسباب التي تجعل الأمهات يتوقفن عن الرضاعة الطبيعية في وقت مبكر هو حدوث مشكلة غير متوقعة. لذا يجب أن يكون لدى الأمهات المعلومات الكافية لتجنب المشاكل المرافقة للرضاعة الطبيعية و حلها في حال حدوثها. إن حضور دروس في الرضاعة الطبيعية في فترة الحمل يزود الأم بالمعلومات الأساسية اللازمة لتبدأ هذه المرحلة بنجاح. كما إن أخذ دروس متنوعة في الأمومة في فترة الحمل مهم أيضاً لإدارة مرحلة الرضاعة الطبيعية فيما بعد. بالإضافة إلى هذا، حاولي مشاهدة بعض الفيديوهات، وقراءة الكتب الخاصة بالرضاعة الطبيعية، والتحدث إلى العائلة والصديقات عن الموضوع. (دروس ما قبل الولادة: حمل صحي وولادة رائعة)

إن فحص الثدي جزء مهم من التعلم عن الرضاعة الطبيعية في مرحلة ما قبل الولادة للتأكد من عدم وجود أي شيء غير عادي، ولفحص بنية الأنسجة (الصلابة والمرونة)، وانقلاب أو استواء الحلمات، ولمناقشة أي عمليات في الثدي من الممكن أن تؤثر على الرضاعة. ليس بالضرورة أن تشير العمليات السابقة في الثدي إلى صعوبات متوقعة في الرضاعة الطبيعية، ولكن من الأفضل القيام بالمتابعة بشكل مستمر.

الرضاعة الطبيعية عند الولادة:

نحن نعلم الآن أن الرضاعة مرحلة طبيعية، وأن جسمك سينتج الحليب في حال كونتِ فكرة عن الرضاعة الطبيعية وجمعتِ المعلومات اللازمة، أم لم تفعلي ذلك.
ولكن للأطباء، والأخصائيين ممن يقدمون الرعاية الصحية، بالإضافة إلى أخصائيي الرضاعة دور فعال في مساعدتك على الحصول على تجربة ناجحة. قد تستفيد الأم من وجود "مدربة على الولادة" (Doula) أثناء الولادة وفيما بعد. إن وجود هذه المدربة يحسّن من عملية البدء بالرضاعة الطبيعية ويزيد من مدتها. كما أن وجود المدربة أثناء فترة الولادة قد يجنبك استخدام التدخلات المسكنة للألم مثل: التخدير فوق الجافية (Epidural Anesthesia) والعقاقير الأخرى. قد تؤدي هذه التدخلات الشائعة (المعروفة باسم المسكنات أثناء الوضع) إلى التأثير على الرضاعة الطبيعية وإلى خروج الحليب في وقت مبكر.

بعد الولادة، يجب أن يعطى المولود السليم إلى أمه مباشرة لإحداث الاتصال الجسدي بينهما، وذلك لغاية أن تبدأ عملية الإرضاع الأولى. إن الاتصال الجسدي المبكر والمكثف بين الأم والطفل قد يؤدي إلى زيادة مدة الرضاعة الطبيعية. في أسرع وقت (في غضون ساعة من الولادة) يجب أن يوضع الطفل على صدر أمه. يمكن البدء بهذه العملية في غرفة الولادة أو في غرفة التعافي، ويجب أن يتوفر لكل أم المساعدة اللازمة للتأكد من أن الرضاعة الطبيعية تتم بشكل صحيح.

من الجدير بالذكر أن بقاء الأم والطفل في نفس الغرفة على مدار ال24 ساعة، يزيد من فرص الارتباط بينهما، كما يساعد على البدء بالرضاعة الطبيعية بالشكل الأمثل. لذا تجنبي إرسال طفلك إلى الحاضنة قدر الإمكان.

في المستشفى:

إن سياسات المستشفيات تؤثر على مخرجات الرضاعة الطبيعية وذلك عن طريق الإجراءات المتبعة والتي قد تشجع أو تحبط الرضاعة الطبيعية المثلى. إذا اخترتِ الرضاعة الطبيعية، عليك الحصول على المساعدة والتشجيع اللازمين من أجل بداية موفقة. تأكدي من أن فريق العمل في المستشفى على علم مسبق برغبتك في الإرضاع الطبيعي.

التقاء الأم والطفل: تحديد الوضعية والاتصال:

قد تتأثر الطريقة التي تحملين بها طفلك لكي يرضع بعاداتك العائلية أو الثقافية. بغض النظر عن الوضعية التي تختارينها، يجب أن تكون مريحة وآمنة لكليكما.

  • تحديد الوضعية:

يجب أن يكون الطفل هادئاً ولكن متنبهاً في نفس الوقت. إذا كان الطفل يبكي، فمن الواجب تهدئته قبل البدء بالإرضاع، بينما إذا كان الطفل نعساناً فسيكون غير قادر على الاستجابة الصحيحة اللازمة للبدء بالرضاعة من الثدي. خلع ملابس الطفل أو ازالة الملاءات من عليه، أو تدليك ظهره بلطف، أو فرك باطن قدميه قد يساعد في إيقاظه.

اجلسي في وضعية مريحة مع التأكد من إسناد ظهرك، وقرّبي الطفل إليك. قدّمي ثديك للطفل بالطريقة التي تساعد على اتصال فم الطفل بالثدي. بإمكانك امساك ثديك من الأسفل بالأصابع الأربعة، بينما تضعين الإبهام عليه من الأعلى. تسمى هذه ب " The C hold"

صورة توضيحية للرضاعة بوضعية ال C

يجب أن يكون الإبهام والأصابع بعيدين عن هالة الثدي ليتمكن الطفل من إمساك الحلمة والهالة بدون عقبات. في الكثير من الأحيان تقدم الأمهات الثدي بواسطة " مسكة المقص" (ٍscissor hold) بحيث تكون الحلمة والهالة بين السبابة والأصبع الأوسط، ولكن إذا اعترض إصبعك الطريق إلى الهالة، فإن الطفل لن يتمكن من عمل الاتصال بالشكل اللازم. في هذه الوضعية يجب أن تحملي طفلك إلى نفس مستوى صدرك، وأن يقابل بطنه منطقة البطن عندك ويكون ملاصقاً لها. قربي طفلك اليك واستعملي الوسائد لإسناد الطفل.

هناك وضعية أخرى تسمى بالوضعية البيولوجية أو “baby led” . في هذه الوضعية على الأم الاستلقاء إلى الخلف بدلاً من الجلوس باستقامة، ثم يوضع الطفل على صدر الأم ويترك لاستخدام استجاباته التلقائية وسلوكه الطبيعي للعثور على الثدي والاتصال به بنفسه.

صورة توضيحية لوضعية الرضاعة عند نوم الأم على ظهرها

ستجدين في الأسفل وضعيات أخرى من أجل إرضاع الطفل. اختاري ما يناسبك ويبدو مريحاً وطبيعياً لك ولطفلك.

Cradle cross chest: يستلقي الطفل على حضنك، ويستند رأسه على انثناءة ذراعك.

صورة توضيحية للرضاعة مع وضعية Cradle cross chest

Modified Cradle: يستلقي الطفل على حضنك، ويستند رأسه وظهره على انثناءة الذراع المقابلة

صورة توضيحية للرضاعة مع وضحية Modified Cradle

(Side sitting (Football hold: في هذه الوضعية تجلسين أنت وطفلك باستقامة، ويكون الطفل مقابلاً لك وتكون أرجله تحت إبطك، وتقوم يدك باسناد رأسه ورقبته. هذه الوضعية مريحة بشكل خاص بعد العملية القيصرية، لأن ثقل الطفل يكون بعيداً عن مكان الجرح، كما أن هذه الوضعية مناسبة للأطفال النعسانين لأن الجلوس باستقامة يبقيهم يقظين وبالتالي يرضعون بشكل أفضل.

صورة توضيحية للرضاعة مع وضعية Football hold

الاستلقاء جانباً (Side- lying): تستلقين أنت وطفلك جنباً إلى جنب وتمدين ذراعك السفلى أو تضعينها تحت رأس الطفل.

صورة توضيحية للرضاعة مع وضعية الاستلقاء الجانبي

  • الاتصال:

تسمى الطريقة التي يقوم بها الطفل بالإمساك بمنطقة الحلمة والهالة ويسحبها إلى فمه من أجل الرضاعة ب" القفل" أو “Latch”  تعتبر طريقة إمساك طفلك بهذه المنطقة العامل الأهم لتجنب المشاكل التي تؤدي إلى الفطام المبكر.

إن الاطفال الذين أتموا فترة الحمل كاملة يولدون بعدد من السلوكات والاستجابات التلقائية. تتضمن هذه الاستجابات تلك التي تجعل الطفل يفتح فمه ويدير رأسه باتجاه الثدي عندما يكون جائعاً. لمسة خفيفة لمنتصف شفة الطفل العليا تؤدي إلى تحفيز هذه الاستجابة.

يفتح الطفل فمه على اتساعه ويحرك لسانه إلى الأسفل وإلى الأمام فوق لثته السفلى ليشد الحلمة إلى فمه. يجب تهدئة الطفل إذا كان يبكي لأن لسانه في العادة يكون مرفوعاً إلى الأعلى خلال بكائه. عندما يتم الاتصال المناسب، يمد الطفل شفتيه المفتوحتين إلى الخارج حول الهالة (تلقب الشفتان في هذه الحالة ب fishy lips )

أيضا عندما يتم الاتصال المناسب، يلامس أنف الطفل الثدي، وتكون شفتاه ممتدتان إلى الخارج، وتكون ذقنه ملامسة للثدي أيضاً.

صورة توضيحية لكيفية رضاعه الطفل من ثدي الأم


اللبا:

يعد اللبا مناعة الطفل الأولى، وهو سائل سميك القوام، لونه مائل إلى الصفار، ويتواجد في الثدي خلال فترة الحمل، وبعد الولادة بيومين إلى أربعة أيام. وبالرغم من كميته القليلة (40-50 مل في ال 24 ساعة الأولى) إلا أنه يزود الطفل بالعناصر الغذائية الهامة والمواد المعززة للمناعة، حيث يحتوي على كمية أكبر من البروتين وكمية أقل من الدهون وسكر الحليب مقارنة بالحليب العادي، كما أنه غنّي بالمكوّن الأساسي لفيتامين أ ( بيتا كاروتين) والذي يعطي اللبا لونه الأصفر. يعتبر فيتامين أ مهماً جداً في الأيام الأولى للطفل للحماية من الأمراض الجرثومية، كما أنه مهم لتطور شبكية العين في هذه المرحلة المبكرة. يحتوي اللبا أيضاً على كريات الدم البيضاء التي توفر للطفل حماية إضافية من الأمراض الجرثومية.

مؤشرات الجوع:

يعد البكاء علامة متأخرة على شعور الطفل بالجوع، لذا يجب البدء بالرضاعة الطبيعية عند ملاحظة المؤشرات الأولى للجوع وعدم الانتظار لحين أن يبكي الطفل طلباً للحليب. تشتمل مؤشرات الجوع المبكرة على:

  1. الاستيقاظ.

  2. تحريك اليدين ووضعهما في الفم.

  3. تحريك الطفل لرأسه وفمه كأنه يبحث عن الحلمة.

  4. حركات في الفم.


احتياجات الحليب في الأيام الثلاثة الأولى:

إن كمية اللبا المتوفرة في الأيام القليلة الأولى قليلة (40-50 مل) ولكنها تناسب الحجم الصغير لمعدة المولود الجديد وهو حوالي 20مل (4 ملاعق صغيرة تقريباً). سيبدأ الحليب بالظهور في الأيام القليلة بعد الولادة سواء قمت بالإرضاع الطبيعي أم لا، ولكن مص الطفل للثدي سيحفز تكوين الحليب والمحافظة على إفرازه.

العودة إلى المنزل:

إن عدم وجود الدعم من أفراد العائلة والأصدقاء قد يؤدي إلى هدم ثقة الأم الجديدة بنفسها. بإمكانك طلب المساعدة في الأيام الأولى، حيث من المستحسن أن يقوم شخص آخر بأعمال المنزل لمساعدة الأم على التعافي ولبناء علاقتها الجديدة مع طفلها عبر الرضاعة الطبيعية. عند عدم وجود المساعدة، تزداد احتمالية الفطام المبكر للطفل، لأن الأسابيع الأولى بعد الولادة تحمل الكثير من الأحداث التي تفوق طاقة الأم.

احتياجات الطفل من الحليب مع نهاية الأسبوع الأول:

يعتمد تنظيم إفراز الحليب على وتيرة الإرضاع. كلما رضع الطفل أكثر، كلما تم إفراز الحليب بشكل أكبر. وعلى العكس من ذلك، إذا كان الطفل ينام لساعات طويلة في الأسابيع الأولى، أو يرضع أقل مما معدله ثماني مرات في اليوم، فإنه لن يتمكن من تحفيز الثدي على إفراز الحليب، مما يؤدي إلى  انخفاض كمية الحليب. كلما زاد الطلب على الحليب، كلما زاد العرض.

وتيرة ونمط الإرضاع:

يعتمد إنتاج الحليب على طفلك، بمعنى أن الطفل مكتمل النمو يشير إلى أوقات جوعه وشبعه. من السهل هضم حليب الأم، لذا فإن طفلك سيشعرك بأنه جائع كل ساعتين إلى ثلاث ساعات ( وأحياناً بوتيرة أعلى)، أو على الأقل سيرضع ثماني مرات في اليوم في الأسابيع القليلة الأولى. قد يرضع الأطفال لمدة طويلة في أحد الأوقات خلال ال24 ساعة، ومن ثم يرضعون بكميات أقل في الأوقات الأخرى.

فقدان الوزن:

يفقد المواليد الجدد بعضاً من وزنهم في الأيام القليلة الأولى، و يفقد التوائم وزناً أقل لأن الحليب في حالتهم يأتي بسرعة أكبر. يفقد الطفل بالعادة 5% من وزنه في الأيام القليلة الأولى، ويعتبر فقدان 10% من الوزن أمراً طبيعياً في حال كان كل شيء آخر على ما يرام. رتبي موعداً مع الطبيب للمتابعة وللتأكد من أن وزن طفلك صحيّ وأن تطوره طبيعي.

قبل البدء برحلة الرضاعة الطبيعية، اجمعي المعلومات والمراجع التي ستساعدك على أن تكوني مستعدة. تحدثي إلى أفراد العائلة والأصدقاء ممن كانت لهم تجارب إيجابية في الرضاعة، وابحثي عن أخصائية للرضاعة و/أومدربة للولادة بحيث تستطيع الالتزام بمساعدتك لبناء علاقة صحية مع طفلك عن طريق الرضاعة الطبيعية منذ البداية. ولكن عليك أيضاً أن تأخذي نفساً عميقاً! أن تكوني أماً لا يقتصر على المعرفة والمعلومات، لذا توقعي العديد من اللحظات غير المتوقعة في مراحل الأمومة الأولى، واتخذي قراراً بأن تثمني هذه الرحلة مع كل ما يمكن أن تجلب لك، وبغض النظر عن مدى إحساسك بأنك مستعدة لها. ستكونين رائعة ماما!

 


اقرئي أيضاً:

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية